للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عورات الناس، وغير ذلك.

ثانيًا: لا بد من البديل الحسن.

إذا تعود الإنسان مثلًا أن يسمع المعازف والأغاني، ويتلذَّذ بها، أصبحت جزأً من كيانه، فإذا أراد أن يترك هذه الأخلاق السيئة، ويخلع هذه العادات القبيحة، فلا بد أن يسد الفراغ الناتج عن تركه هذا السماع، فسماع القرآن الكريم هو البديل الحسن، فإذا تلذذ الإنسان بسماع كتاب الله تعالى وبقراءته والتغني به، وتدرج في شرب الدواء، فقد أوجد البديل للمعازف، والشاهد أنه لا بد من البديل الحسن ليحل مكان البديل السيئ فيسد الفراغ كي لا يعود إلى ما كان عليه.

قال ابن قيم الجوزية: "دواء صاحب مثل هذا الحال: أن ينقل بالتدريج إلى سماع القرآن بالأصوات الطيبة مع الإمعان في تفهم معانيه، وتدبر خطابه قليلًا قليلًا إلى أن ينخلع من قلبه سماع الأبيات، ويلبس محبة سماع الآيات، ويصير ذوقه وشربه وحاله ووجده فيه، فحينئذ يعلم هو من نفسه أنه لم يكن على شيء، ويتمثل حينئذ بقول القائل:

وكنت أرى أن قد تناهى بى الهوى ... إلى غاية ما فوقها لى مَطلبُ

فلما تلاقينا وعاينتُ حُسنها ... تيقنت أني إنما كنتُ أَلعبُ" (١)

ومن كان مشغولًا بأصدقاء الباطل، وأراد التخلص من هذه الصحبة السيئة التي تعوَّد عليها وتشرب منها أشياء كثيرة، فلا بد من صحبة أرباب الأخلاق العالية، فإذا لم يجد صُحبَةً حسنة لا يمكن أن يقعد في البيت


(١) "مدارج السالكين" (١/ ٤٩٥).

<<  <   >  >>