للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مقابلة الجيشين وانهزام السلطان جلال الدين وأسر أرزن الرومي وأخيه]

يوم السبت الثامن والعشرين من رمضان سنة ٦٢٧ أصبح الجيش مبتسما كشفة الصّبح، متألقّا كوجه الشّمس، وأمر السلطان أن يدخل الجند/ في السّلاح، ويصطفّوا صفوفا، ويحدّدوا الميمنة والميسرة، والقلب والسّاقة. وأن يبدي أسود القتال علائم الفداء والتّضحية. ولأنّه لم تبق مسافة فاصلة بينهم وبين العدوّ، بل إنّهم- لتداني الخيام- بدوا كأنّهم «قاب قوسين أو أدنى»، وتلاقوا دفعة وأظهروا كل ما هو ميسور (١) ومقدور. وفي الحال أوصلت أصوات الطّبول الهدير إلى أذن «جبريل»، وأتيح للأعلام أن تحادث «منجوق ذي الجبهة» (٢)، و «عيوّق» (٣)، ووقعت الرّجفة في أسود الأعلام (٤) كما يرتجف قلب البخيل على صورة الدرهم. وامتطى المليك حصانا ضخما يستطيع أن يعبر البحر بوثبة واحدة.

وفي النّاحية الأخرى جرت تعبئة الجيش تعبئة ملكيّة، واصطف جيش ضخم يزيد عن مائة ألف للقتال، وتقدّم الملك الأشرف إلى حضرة السلطان وقال: لو أنّ السلطان ركب اليوم بغلا بدلا من الحصان، بل لو وضع للبغل


(١) في الأصل منشور، وهو تصحيف بلا شك.
(٢) كذا في الأصل، ولعله اسم نجم من النّجوم، غير أني لم أعثر لهذا الاسم على أثر في المعاجم والمصادر المتخصصة التي رجعت إليها، (انظر مثلا: كتاب التّفهيم لأوايل صناعة التنجيم، لأبي الريحان البيروني، تحقيق جلال همائي، طبع طهران ١٣٩٣ هـ)، و «منجوق» بالفارسية تعني الراية، أو الموضع الأعلى من سارية العلم.
(٣) العيوق: نجم.
(٤) يعني الأسود المرسومة على الأعلام.