للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شكال (١) أيضا، فلا شكّ أن كل ثعلب في هذا الجيش المغوار سيغدو عشرة أسود كواسر، فيتمكّنوا بذلك من الإيقاع بالعدوّ. فقدّموا بغلا ركبه السلطان في الحال.

فلما تمت التعبئة، واقترب وقت تداني الجمعين، صعد خوارزمشاه على تلّ مرتفع وألقى نظرة على سواد الجيش المنصور، ثم أخرج آهة باردة تألّما وحسرة، إذ لو كان هذا الجيش في حوزتي، وكنت أمضي إلى الحرب أمام جيش التّتار بهذه الفئة، لكان نصيبهم منّي الدّمار والهلاك، وكنت قد تعهّدت نباتات الأرض بالدماء التي تسيل من تلك الكلاب الضارية. ثم إنه عاد إلى قلب جيشه بدموع منهمرة وصبر نافد.

وحمل «الملك الأشرف»، و «كمال الدين كاميار» حملة الأسود، فألقوا بالميمنة على الميسرة/ وأجبروا الجميع على اللّجوء إلى واد ضيق لا هو بموضع للفرار ولا بمكان للحرب، ولم يشتغل السلطان خوارزمشاه بالحرب والطّعن والضّرب، وإنما أسرع في الحال نحو الأعلام وفصل منها «العصابة» (٢) والبيرق والعلم، وربطها بمؤخرة السّرج، وانطلق هاربا حيث واصل السّير بالسرى، والوخدان بالذميل (٣).


(١) الشّكال، القيد: وهو أن تكون إحدى اليدين وإحدى الرجلين من خلاف محجّلتين
(٢) في الأصل منجوق، وهي- فيما يبدو- الراية المطرزة بالذّهب، والتي تحمل ألقاب السلطان واسمه، وكان المماليك في مصر والشام يطلقون عليها اسم «العصابة»، انظر صبح الأعشى، ٤: ٨.
(٣) كذا في الأصل، كلمتان عربيتان، والوخدان: الإسراع وتوسيع الخطو، والذّميل:
السّير السّريع اللّين.