للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولا برسالة مضمونها: قد انتقلنا من التشرد إلى الهناء والدّعة في ظلّ السلطان السّابق، فلما انتقل إلى جوار ربّه ألقيتم بقائدنا «قيرخان» في السجن دون جرم جناه. فتركنا خدمة هذه الأسرة الملكيّة خوفا على أرواحنا وانطلقنا نجوس خلال الدّيار طلبا للرّزق، والمصلحة أن تعودوا أدراجكم، وألّا تلجئونا إلى الإعراض عن رعاية حقوق النّعمة وأكل الخبز والملح.

غير أنّهم لم يعبأوا بهذه النّصائح لفرط/ ما بهم من غرور وعجب، واصطفوّا في مواجهتهم للقتال. فأصبح «شمس الدين بيرم» (١) في تلك المعركة مضغة لأنياب الذئاب [وصاروا طعمة للنّسور والعقبان] (٢)، وتمّ أسر «سيف الدولة أرتقش»، واستولى الخوارزميّون على الكثير من الخيول والأمتعة من تلك المعركة، وانطلقوا مسرعين لا يلوون على شيء صوب ديار الشّام، فاستولوا على «حرّان» و «الرّها»، و «الرّقة»، و «سروج»، وغيرها من المواضع.

ولمّا علم «كمال الدين كاميار» بهزيمة الجيش اتخذت بومة الحزن لنفسها عشا في قلبه وروحه حال قيامه وقعوده، فأعوزه ما يستعين به على التقدّم للأمام، وما وجد مجالا للعودة. بيد أنه اضطرّ إلى العودة وأنهى الحال كما جرت للسلطان.

وأتيحت «لكوبك» اللّعين في تلك القضيّة من الثّغرات الكبار ما أعانه على هدم ما أعلاه الأمير كمال الدين من مبان، وبلغ بالأمر في السرّ الحد الذي سيأتي ذكره حيث أذاق كمال الدين وعددا آخر من الأمراء شربة الهلاك.


(١) لعله هو «سيف ادين بيرم» المذكور بالصفحة السابقة.
(٢) إضافة من أ. ع، ٤٦٩.