للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلناه، ثم رددناه إليه بشهادة الحاضرين. وتوجه إلى ملطيه بعد بضعة أيام.

فلما بلغ الخبر الملك معز الدين قيصر شاه استعد للضيافة والاستقبال، وذهب في جملة من الاقارب والأتباع للترحيب، فلما رأى السلطان من بعيد، ترجل وسارع بتقبيل اليد، واعتذر عن غدر أخيه واجلائه له من بلاده، وخلوّ سرير السلطنة من جلال السلطان وأبهّته، وأظهر التفجّع والتوجّع، ثم انطلق به إلى المدينة بكل تكريم وتعظيم، ووضع قصر السلطنة بكل ما فيه من متاع البيوتات تحت تصّرف نوّاب السلطان وحجّابه، وأخذ يبدي ولاءه كل يوم بصنف من صنوف الإبداع الحسنة. وذات ليلة تقدم- أثناء المنادمة- إلى السلطان فقال وقد جثا على ركبتيه: يجول بخاطرى أن أذهب بإذن السلطان عند والد زوجتي: الملك العادل، وليقنع السلطان برقعة ملطية هذه، حتى تنقضي أيام البؤس والنّحس، وعند ذاك أعود أنا إلى هذه الديار ويجلس السلطان وفق مراده، على عرش السلطنة فقال السلطان (١) وقد تبسّم لقوله: إن الملك العادل سلطان عاقل، والأجدر بي أنا، بسبب مصاهرتك (٢) أنت له، أن


(١) الملك العادل: هو الملك أبو بكر بن أيوب (٥٤٠ - ٦١٥) ملك دمشق وديار مصر بعد وفاة أخيه صلاح الدين، وقسّم البلاد في حياته بين أولاده، فجعل بمصر «الكامل محمدا»، وبدمشق والقدس وطبرية والأردنّ والكرك وغيرها من الحصون المجاورة لها، ابنه «المعظم عيسى» وجعل بعض ديار الجزيرة وميّافرقين وخلاط وأعمالها لابنه «الملك الأشرف موسى»، وأعطى الرّها لولده «شهاب الدين غازي»، وأعطى قلعة جعبر لولده «الحافظ أرسلانشاه» فلمّا توفي ثبت كلّ منهم في المملكة التي أعطاها له، وسترد أسماء هؤلاء الملوك جميعا فيما يلي من أحداث.
(٢) في الأصل: خوشى: حسن، والأوامر ٤٢: خويشى: قرابة، مصاهرة، وهو الأصح.