للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حين خرج السلطان غياث الدين من بوّابة قونية، استقبل الأعيان والأشراف السلطان ركن الدين، فاعتذروا عما كان قد بدر منهم من تطاول، فقرأ الآية الكريمة: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ (١)، من مصحف الإغضاء وسورة الإغماض،/ وضرب عن الماضي صفحا، ودخل المدينة بالطالع المسعود في ظل المظلّة الملكية الظليل، وأضفي على العرش الملكي- بعظمة قدومه- رسما وجمالا كسرويا.

وبلغ به السخاء مبلغا جعله يوّزع خراج الجند لخمس سنوات كاملة- وكان قد تجمّع لديه دفعة واحدة- على الخاصّ والعامّ برأس الصولجان في وجود المبعوثين (٢)، وكان يأخذ بيد الفضلاء والشعراء والفنانين بلطف عنايته من وهدة الفقر والفاقة إلى رياض الدّعة والنّعمة، وحين أرسل إليه إمام الكلام ظهير الدين الفاريابي (٣) قصيدته المشهورة التي مطلعها:

زلف سرمستش چودر مجلس پريشانى كند … جان اكر جان در نيندازد كران جانى كند

[وترجمتها]:

إذا ما تشوشت ذؤابته السّكرى في المحفل … إن لم يسلم الحبيب الروح، يصاب بالسّقم


(١) سورة يوسف: ٩٢.
(٢) يعني المبعوثين الذين أتوا إليه بالخراج، قارن أ. ع، ص ٦٠.
(٣) هو أبو الفضل طاهر بن محمد الفاريابي [ت ٥٩٨] من شعراء الفرس الكبار في القرن السادس، مدح الكثيرين من حكام عصره.