للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَخْطُبُ عَلَيْهِ عائِشَةَ، قالَتْ: انْتَظِرِي أَبا بَكْرٍ حَتَّى يَأْتِيَ، فَجاءَ أبو بَكْرٍ فَقالَتْ: يا أَبا بَكْرٍ، ماذا أَدْخَلَ الله عَلَيْكُمْ مِنْ الْخَيْرِ والْبَرَكَةِ! قالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَخْطُبُ عَلَيْه عائِشَةَ، قالَ: وَهَلْ تَصْلُحُ لَهُ؟! إِنَّما هِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ، فَرَجَحَتْ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ قالَ: "ارْجعِي إِلَيهِ فَقُولِي لَهُ: أَنا أَخُوكَ، وَأَنْتَ أَخِي في الْإِسْلامِ، وابْنَتُكَ تَصلُحُ لِي" فَرَجَعَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، قالَ: انْتَظِرِي، وَخَرَجَ قالَتْ أُمُّ رُومانَ: إِنَّ مُطْعِمَ بن عَدِيٍّ قَدْ كانَ ذَكَرَها عَلَى ابْنِهِ، واللهِ ما وَعَدَ مَوْعِدًا قَطُّ فَأَخْلَفَهُ- لِأبي بَكْرٍ - فَدَخَلَ أبو بَكْرٍ عَلَى مُطْعِمِ بن عَدِيٍّ وَعِنْدَهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ الْفَتَي فَقالَتْ: يا ابْنَ أبي قُحافَةَ، لَعَلَّكَ مُصْبٍ صاحِبَنا مُدخِلُهُ في دِينِكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ إِنْ تَزَوَّجَ إِلَيْكَ؟ فقالَ أبو بَكْرٍ لِلْمُطْعِمِ بن عَدِيٍّ: أقَوْلَ هَذِهِ تَقُولُ؟ قالَ: إِنَّها تَقُولُ ذَلِكَ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، وَقد أَذْهَبَ الله ما كانَ في نَفْسِهِ مِنْ عِدَتِهِ الَّتِي وَعَدَهُ، فَرَجَعَ فَقالَ لِخَوْلَةَ: ادعِي لِي رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَدَعَتْهُ فَزَوَّجَها إِيّاهُ، وَعائِشَةُ يَوْمَئِذٍ بنت ستِّ سِنِينَ، ثُمَّ خَرَجَتْ فَدَخَلَتْ عَلَى سَوْدةَ بنتِ زَمْعَةَ فَقالَتْ: ماذا أَدْخَلَ الله عَلَيْكِ مِنْ الْخَيْرِ والْبَرَكَةِ! قالَتْ: وما ذاكَ؟ قالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَخْطُبُكِ عَلَيْهِ! قالَتْ: وَددْتُ، ادْخُلِي إلى أبي فاذْكُرِي ذَلكَ لَهُ، وَكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَهُ السِّنُّ، قَدْ تَخَلَّفَ عَنْ الْحَجِّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَحَيَّتْهُ بِتَحِيَّةِ الْجاهِلِيَّةِ، فَقالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقالَتْ: خَوْلَةُ بنتُ حَكِيمٍ، قالَ: فَما شَأْنُكِ؟ قالَتْ: أَرْسَلَنِي مُحَمَّدُ بن عبد الله أَخْطُبُ عَلَيْهِ سَوْدَةَ، فقالَ: كُفْؤ كَرِيمٌ، ماذا تَقُولُ صاحِبَتُكِ؟ قالَتْ: تُحِبُّ ذاكَ، قالَ: ادعُيها لِي، فَدَعَتُها، قالَ: أَيْ بنيَّةُ، إِنَّ هذِهِ تَزْعُمْ أَنَّ مُحَمَّدَ بن عبد الله بن عبد الْمُطَّلِبِ قَدْ أَرْسَلَ يَخْطُبُكِ، وَهُوَ كُفْؤ كَرِيمٌ، أَتُحِبِّينَ أَنْ أُزَوِّجَكِ بِهِ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: ادْعِيهِ لِي، فَجاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَزَوَّجَها إِيّاهُ، فَجاءَها أَخُوها عبد بن زَمْعَةَ مِنْ الْحَجِّ، فَجَعَلَ يَحثِي في رَأْسِهِ التُّرابَ، فَقالَ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ: لَعَمْرُكَ إِنِّي لَسَفِيهٌ يَوْمَ أَحْثِي في رَأْسِي التُّرابَ؛ أَنْ تَزَوَّجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَوْدةَ بنتَ زَمْعَةَ (١).


(١) إسناده حسن: أخرجه أحمد ٦/ ٢١٠، ٢١١، الطبري في "التاريخ" ٣/ ١٦٢، ابن =

<<  <   >  >>