للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرام للدعوة إلى دينه ورسالته لعلَّ أحدًا أن يستجيب له فيؤويه وينصره بعد ما كذبه قومه.

عَنْ جابِرٍ - رضي الله عنه - قالَ: مَكَثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يَتْبَعُ النّاسَ في مَنازِلِهِمْ بعُكاظٍ وَمَجَنَّةَ وَفِي الْمَواسِمِ بِمِنًى يَقُولُ: "مَنْ يُؤْوِيني؟ مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ " حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ أَوْ مِنْ مُضَرَ فَيَأْتِيهِ قَوْمُهُ فَيَقُولُونَ: احْذَرْ غُلامَ قُرَيْشٍ لا يَفْتِنُكَ، وَيَمْشِي بَيْنَ رِجالِهِمْ، وَهُمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالْأَصابعِ، حَتَّى بَعَثَنا الله إِلَيهِ مِنْ يَثْرِبَ فآوَيْناهُ وَصَدَّقْناهُ، فَيَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنّا فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْاَنَ، فَيَنْقَلِبُ إلى أَهْلِهِ فَيُسْلِمُونَ بِإِسْلامِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصارِ إِلّا وَفِيها رَهْطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلامَ (١).

وعنه أيضًا قالَ: كانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النّاسِ بالْمَوْقِفِ فيقول: "هل من رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إلى قَومه، فَإنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِي" (٢).

وعن أبي الزِّنادِ قالَ: أَخْبَرَنِي رَجُل يُقالُ لَهُ رَبِيعَةُ بن عَبّادٍ مِنْ بني الدِّئلِ، وَكانَ جاهِلِيًّا فأسلم، قالَ: رَأَيْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الْجاهِلِيَّةِ في سُوقِ ذِي الْمَجازِ، وَهُوَ يَقُولُ: "يا أَيُّها النّاسُ، قُولُوا لا إِلَهَ إِلّا الله تُفْلِحُوا" والنّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيهِ، وَوَراءَهُ رَجُلٌ وَضِيءُ الْوَجْهِ أَحوَلُ، ذُو غَدِيرَتَينِ (٣) يَقُولُ: إِنَّهُ صابِئٌ كاذِبٌ، يَتْبَعُهُ حَيْثُ ذهبَ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَذَكَرُوا لِي نَسَبَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) حسن: أخرجه أحمد ٣/ ٣٢٢، قال ابن حجر في "فتح الباري" ٧/ ٢٢٢: إسناده حسن.
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٣٧٣٤)، كتاب: السنة، باب: في القرآن، الترمذي (٢٩٣٤) كتاب: فضائل القرآن، باب: رقم (٢٤)، ابن ماجه (٢٠١) في المقدمة، باب: فيما أنكرت الجهمية، أحمد ٣/ ٣٩٠، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
(٣) غديرتان: تثنية غديرة، أي ذؤابة، وهي الشعر المضفور الذي أُدخل بعضه في بعض.

<<  <   >  >>