للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَوْس وَجُرِحَ حُضَيْر يَوْمئِذٍ فَماتَ فِيها، وَذَلِكَ قَبْل الْهِجْرَة بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ: بِأَرْبَعٍ وَقِيلَ: بِأَكْثَر والْأَوَّل أَصَحّ، وَذَكَرَ- أبو الْفَرَج الْأَصبَهانِي أَنَّ سَبَب ذَلِكَ أَنَّهُ كانَ مِنْ قاعِدَتهمْ أَنَّ الْأَصِيل لا يُقْتَل بِالْحَلِيفِ، فَقَتَلَ رَجُل مِنْ الْأَوْس حَلِيفًا لِلْخَزْرَجِ، فَأَرادُوا أَنْ يُقِيدُوهُ فامْتَنَعُوا، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ الْحَرْب لِأَجْلِ ذَلِكَ، فَقُتِلَ فِيها مِنْ أَكابِرهمْ مَنْ كانَ لا يُؤْمِن، أَيْ يَتَكَبَّر وَيَأْنَف أَنْ يَدْخُل في الْإِسْلام حَتَّى لا يَكُون تَحت حُكْم غَيْره، وَقَدْ كانَ بَقِيَ مِنْهُمْ مِنْ هَذا النّحو عبد الله بن أبي بن سَلُول وَقِصَّته في ذَلِكَ مَشْهُورَة مَذْكُورَة في هَنا الْكِتاب وَغَيْره (١). اهـ.

١٦ - وفي السنه الثانيه عشرة من البعثه: أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم -من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي، ثم عرج به إلي سدرة المنتهى ففرض الله عليه وعلى أمته الصلوات الخمس.

[الشرح]

ثم كافأ الله -عز وجل- رسوله - صلى الله عليه وسلم - وسرّى عنه برحلة الإسراء والمعراج؛ فأراه من آياته الكبرى ما جعل قلبه - صلى الله عليه وسلم - يطيب ويطمئن ويثبت، وينكشف عنه ما ألمَّ به من همّ وحزن وأسى بعد وفاة عمه وزوجته - رضي الله عنها -، وما لاقاه من إعراض قومه عن دعوته - صلى الله عليه وسلم -.

فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كان يحزنه الإيذاء الشخصي له - صلى الله عليه وسلم - إنما الذي كان يحزنه - صلى الله عليه وسلم - ويكاد يقتله؛ هو إعراضهم عن الدعوة ورفضهم لها؛ رحمة منه - صلى الله عليه وسلم - وشفقة عليهم، ولذلك يقول الله -عز وجل- له - صلى الله عليه وسلم -: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦)} [الكهف: ٦]، {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣]


(١) "فتح الباري" ٧/ ١٣٨، ١٣٩.

<<  <   >  >>