للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: رأت أمي حين حملت بي كأن نورًا يخرج منها أضاءت له قصور بُصرى من أرض الشام:

هذا لفظ الحاكم، وابن إسحاق، أما لفظ ابن سعد ففيه: رأت أمي كأنه خرج منها نورٌ أضاءت منه قصور الشام. ولذلك اختُلِف في وقت خروج هذا النور، أكان عند الحمل أم عند الولادة؟.

وفسر ابن رجب الحنبلي هذا النور بأنه إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وزال به ظلمة الشرك منها، كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)} [المائدة: ١٥، ١٦]. اهـ (١).

وقال ابن كثير:

وتخصيص الشام بظهور نوره إشارة إلى استقرار دينه ونبوته ببلاد الشام، ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلًا للإسلام وأهله، وبها ينزل عيسى بن مريم إذا نزل بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها، ولهذا جاء في الصحيحين: "لا تَزالُ طائِفَةٌ مِنْ أمَّتِي ظاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُم ولا من خالفهم حَتَّى يَأتِيَ أَمْرُ الله وَهُمْ كَذَلِكَ" وفي "صحيح البخاري" (وهم بالشام). اهـ (٢).

ومما وقع في يوم مولده أيضًا ما رواه ابن إسحاق عن حسان بن ثابت


(١) "لطائف المعارف" (٨٩).
(٢) "تفسير القرآن العظيم" ١٠/ ١٨٤.

<<  <   >  >>