للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحكي لنا جابر - رضي الله عنه - معجزة عجيبة للنبي-صلى الله عليه وسلم- في هذا الموقف.

يقول جابر - رضي الله عنه -: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا (١)، فانْكَفَأْتُ إلى امْرَأَتِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَئيءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرابًا فِيهِ صاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنا بُهَيْمَةٌ داجِنٌ (٢) فَذَبَحْتُها، وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إلى فَراغِي (٣)، وَقَطَّعْتُها في بُرْمَتِها (٤)، ثُمَّ وَلَّيْتُ إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقالَتْ: لا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ فَجِئْتُهُ فَسارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ الله ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنا وَطَحَنَّا صاعًا مِنْ شَعِيرٍ كانَ عِنْدَنا، فَتَعالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصاحَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَ: "يا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جابِرًا سُورًا (٥) فَحَيَّ هَلًا بِهَلّكُمْ (٦) "، فَقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُم، وَلا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُم حَتَّى أَجِيءَ"، فَجِئْتُ وَجاءَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقالَتْ: بِكَ وَبِكَ (٧)، قَدْ فَعَلْتُ الَّذي قُلْتِ فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ وَبارَكَ ثُمَّ عَمَدَ إلى بُرْمَتِنا فَبَصَقَ وَبارَكَ، ثُمَّ قالَ: ادْعُ خابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، واقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلا تُنْزِلُوها، وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وانْحَرَفُوا (٨) وإنَّ بُرْمَتَنا. لَتَغِطُّ كَما هِيَ وإنَّ عَجِينَنا لَيُخْبَزُ كَما هُوَ (٩).


(١) خمصًا: أي جوعًا.
(٢) أي سمينة.
(٣) أي ففرغت من طحن الشعير حين فرغت من ذبح البهيمة.
(٤) البرمة: القدر التي تُطبخ فيه.
(٥) السُور: كلمة حبشية معناها الضيف.
(٦) أي: هلموا مسرعين.
(٧) أي: تعاتبه على ما فعل، وأن الطعام لن يكفي هذا العدد.
(٨) أي: ذ هبوا.
(٩) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤١٠٢)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، مسلم (٢٠٣٨)، كتاب: الأشربة، باب: جواز استتباعه إلى دار من يثق برضاه.

<<  <   >  >>