للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقدموا على أُسير فقالوا: نحن آمنون حتى نعرض عليك ما جئنا له، قال: نعم، ولي منكم مثل ذلك، فقالوا: نعم، فقلنا: إنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بعثنا إليك لتخرج إليه فيستعملك على خيبر ويُحسن إليك، فطمع في ذلك، فخرج، وخرج معه ثلاثون رجلاً من اليهود مع كل رجل رديف من المسلمين، حتى إذا كانوا بقرقرة نبار ندم أُسير، فقال عبد الله بن أُنيس الجهني، وكان في السرية: وأهوى بيده إلى سيفي، ففطنت له، ودفعت بعيري، وقلت: غدرًا أي عدو الله، فعل ذلك مرتين، فنزلت، فسقت بالقوم حتى انفرد لي أُسير، فضربته بالسيف فأندرتُ (١) عامَّة فخذه وساقه، وسقط عن بعيره وبيده مِخْرِش (٢) من شَوْحط (٣) فضربني فشجَّني مأمومة (٤) وملنا على أصحابه فقتلناهم كما هم، غير رجل واحد أعجزنا شدًّا، ولم يُصب من المسلمين أحد، ثم أقلبنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فحدَّثناه الحديث، فقال: "قد نجَّاكم الله من القوم الظالمين" (٥).

١٦ - وفي شوال أيضًا من هذه السنة: كانت سرية كُرْز بن جابر الفهري إلى العرنيين، فأتوا بهم، فقتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

[الشرح]

عن أنس - رضي الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ- ثمانية- قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ، فَقَالُوا: يَا نَبِي الله إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَم نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُم أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِم، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ فَبَلَغَ النَبِي - صلى الله عليه وسلم - فبَعَثَ


(١) أندرت: أسقطت.
(٢) المخرش: عصا معقوفة الرأس.
(٣) شوحط: شجر ينبت في الجبال، تُتخذ منه قناة الرمح.
(٤) مأمومة: أي في أم رأسه.
(٥) "الطبقات الكبرى" ٢/ ٩٢، ٩٣، وذكرها ابن هشام في "السيرة" ٢/ ٦١٨.

<<  <   >  >>