للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


=
ثَلَاث عَشْرَة لَيْلَة مِنْهَا نَجْم في الْمَغْرِب مَعَ طُلُوع الْفَجْر، وَيَطْلُع آخَر يُقَابِلهُ في الْمَشْرِق مِنْ سَاعَته. وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة إِذَا كَانَ عِنْد ذَلِكَ مَطَرٌ يَنْسُبُونَهُ إِلَى السَّاقِط الْغَارِب مِنْهُمَا. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إلى الطَّالِع مِنْهُمَا. "شرح مسلم" للنووي ١/ ٣٣٥، وفي الحديث فوائد:
منها: أنه لا يجوز لنا أن نتعلق بالأسباب، مع ترك مُسبب الأسباب سبحانه وتعالى، فمن تعلق بالأسباب دون المسبب اختلف فيه العلماء فمنهم من قال: هو كافر كفر أكبر مُخرج من الملة، ومنهم من قال: كافر كفر أصغر، ومرتكب لكبيرة من الكبائر؛ لأنه نسب الشيء لسببه، ونسي الله عزّ وجلّ الذي خلق الشيء وسببه فهو سبحانه خالق كل شيء.
ولذا يجب علينا أيها الإخوة الكرام أن نتنبَّه لهذا الأمر، فمعظمنا إلا من رحم ربي يقع في مثل هذا، فتجد أحدنا يذهب إلى الطبيب فيصف الطبيب له علاجًا لمرضه فيشفي هذا المريض فيخرج فيمتدح الطبيب ويقول: هذا طبيب بارع هذا كذا وكذا لقد أعطاني دواءً فشفاني فورًا، كل ذلك وينسى الله عزّ وجلّ الشافي الذي خلق الطبيب وخلق الدواء، ولو شاء الله عزّ وجلّ ما شفاه بهذا الدواء ولا غيره، ومثل هذا كثير فتجد المرء الذي كان فقيرًا فينعم الله عليه بنعمة المال، فيقول: لقد فعلت كذا وكذا حتى حصَّلت وجمعت هذا المال، ويفعل مثل قارون الذي قال لما رزقه الله تعالى بالمال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} فقال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا} [القصص: ٧٨] أي: لو شاء الله تعالى لأخذه وما معه من مال كما أخذ غيره قبله.
بل إن بعضهم يعتمد على الأسباب اعتمادًا كلياً حتى أنه يعصي الله عزّ وجلّ مالك كل شيء بسبب اعتماده على السبب من دون الله عزّ وجلّ، فيذهب أحدهم بزوجته أو إحدى محارمه إلى طبيب رجل، أو تذهب هي بنفسها إليه، فيقال لها كيف تذهبين إلى هذا الرجل ليكشف عليك ويطلع على عورتك وأدق الأماكن في جسدك وعندك الطبيبات الأُنثيات لَسْنَ منك ببعيد؟ فتقول: لأن هذا الطبيب أمهر منهن! وإنا لله وإنا إليه =

<<  <   >  >>