للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَجَرَةٍ، قَالَ: فَفَعَلْتُ، قَالَ: فَأَخَذَها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَنَخَسَهُ بِهَا نَخَسَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: ارْكَبْ، فَرَكِبْتُ، فَخَرَجَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، يُوَاهِقُ نَاقَتَهُ مُوَاهَقَةً (١)، قَالَ: وَتَحَدَّثَت مَعِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لي: "أَتَبيعُنِي جَمَلَكَ هَذَا يَا جَابِرُ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله بَلْ أَهَبُهُ لَكَ، قَالَ: "لَا، وَلَكِنْ بعْنِيهِ"، قَالَ: قُلْتُ: فَسُمْنِي يا رسول الله، قَالَ: "قَدْ قُلْتُ أَخَذْتُهُ بدِرْهَمٍ"، قَالَ: قُلْتُ: لَا، إِذًا يَغْبِنُنِي رَسُولُ الله قَالَ: "فَبِدِرْهَمَيْنِ"، قَالَ: قُلْتُ: لَاَ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ الْأُوقِيَّةَ (٢)، قَالَ: فقُلْتُ: أفَقَدْ رَضِيتُ يا رسول الله؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: فهُوَ لَكَ، قَالَ: "قَدْ أَخَذْتُهُ"، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: "يَا جَابِرُ، هَلْ تَزَوَّجْتَ بَعْدُ؟ "، قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله قَالَ: "أَثَيِّبًا أَمْ بِكْرًا؟ "، قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: "أَفَلَا جَارِيَةً تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُكَ! "، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنْ أبي أُصِيبَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ بناتٍ لَهُ سَبْعًا فَنَكَحْتُ امْرَأَةً جَامِعَةً، تَجْمَعُ رُءُوسَهُنَّ، وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ، قَالَ: "قد أَصَبْتَ إِنْ شَاءَ الله قَالَ أَمَا إِنَّا لَوْ قَدْ جِئْنَا صِرَارًا (٣) أمَرْنَا بجَزُورٍ فَنُحِرَتْ، وَأَقَمْنَا عَلَيْهَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَسَمِعَتْ بنا، فَنَفَضَتْ نَمَارِقَهَا (٤) "، قَال: قُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ الله مَا لَنَا مِنْ نَمَارِقَ، قَالَ: "إِنَّهَا سَتَكُونُ، فَإِذَا أَنْتَ قَدِمْتَ فَاعْمَلْ عَمَلًا كَيِّسًا"، قَالَ: فَلَمَّا جئْنَا صِرَارًا أَمَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِجَزُورٍ فَنُحِرَتْ، وأَقَمْنَا عَلَيهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَلَمَّا أَمْسَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ وَدَخَلْنَا، قَالَ: فَحدثت الْمَرْأَةَ الْحَدِيثَ وَمَا قَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: فَدُونَكَ، فَسَمْعًا وَطَاعَةً، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخَذْتُ بِرَأسِ الْجَمَلِ، فَأَقْبَلْتُ بهِ حَتَّى أَنَخْتُهُ عَلَى بَاب رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ جَلَسْتُ في الْمَسْجِدِ قَرِيبًا مِنْهُ، قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَى الْجَمَلَ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ "، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله هَذَا جَمَلٌ جَاءَ بِهِ جَابِرٌ، قَالَ: "فَأَيْنَ جَابِرٌ؟ "، قال: فَدُعِيتُ لَهُ، فقَالَ: "يَا ابْنَ أَخِي خُذْ بِرَأْسِ جَمَلِكَ، فَهُوَ لَكَ"، ودَعَا بِلَالاً، فَقَالَ: "اذْهَبْ بِجَابِرٍ فَأَعْطِهِ أُوقِيَّةً"، قال: فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَأعْطَانِي وَزَادَنِي شَيْئًا يَسِيرًا، قَالَ: فَوَ اللهِ مَازَالَ يَنْمِي عِنْدَي، وَيُرَى مَكَانَهُ مِنْ بَيتِنَا، حَتَّى


(١) المواهقة: المسابقة، والمجاراة، السرعة في المشي.
(٢) الأوقَيَّة: أربعون درهمًا.
(٣) صرار: موضع قرب المدينة.
(٤) النمارق: جمع نُمرقة وهي الوسادة الصغيرة.

<<  <   >  >>