للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)} [سبأ: ٤٩] (١).

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: دخلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا تُعبد من دون الله قال: فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكُبَّت كلها لوجوهها، ثم قال: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)} [الإسراء: ٨١]، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت فصلى ركعتين، فرأى فيه تمثال إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد جعلوا في يد إبراهيم الأزلام يستقسم بها (٢)، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "قاتلهم الله، ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام" ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزعفران فلطخه بتلك التماثيل (٣).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا دخل مَكَّةَ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَفِيهِ الْآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأُخرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ في أَيْدِيهِمَا مِنْ الْأَزْلَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قَاتَلَهُم الله لَقَدْ عَلِمُوا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ" (٤).

وعن صفية بنت شيبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل مكة، واطمأن الناس، خرج


(١) متفق عليه: التخريج قبل السابق.
(٢) الأزلام: مفردها زلم، بفتح الزاي أو ضمها، وهي الرماح، فكان أهل الجاهلية إذا كان الواحد منهم مقبلاً على أمر مهم جاء برماح ثلاثة مكتوب على أحدها: (افعل)، والآخر (لاتفعل)، والثالث ليس عليه شيء، أو مكتوب على أحدها: (أمرني ربي)، والآخر (نهاني ربى)، والثالث ليس عليه شيء، ثم وضعها في شيء، ثم يمدُّ يده فيخرج أحدها، فإذا خرج سهم الأمر، فعله، وإذا خرج سهم النهي، تركه، وإن طلع الفارغ، أعاد، والاستقسام: مأخوذ من طلب القَسْم من هذه الأزلام.
(٣) حسن: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٨٧٥١)، وحسنه ابن حجر في "المطالب العالية" (٤٣٦٤)، وله شواهد مما تقدم، وانظر الحديث الآتي.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٤٢٨٨)، كتاب: المغازي، باب: أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح.

<<  <   >  >>