للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفتح، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ, وَإِذَا اسْتُنْفِزتُمْ فَانْفِرُوا"، ثم ساق ابن عباس خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث أبي هريرة في تحريم مكة وشجرها ونباتها، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ الله إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ (١)، وَلِبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِلَّا الْإِذْخِرَ" (٢).

وعَنْ جَابِرِ بن عبد الله - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: "إِنَّ الله وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؟ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ, وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ (٣)، فَقَالَ: "لَا هُوَ حَرَامٌ"، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ الله الْيَهُودَ إِنَّ الله لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ (٤)، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ" (٥).

وبعد ذلك مضى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الصفا حيث واعد قوَّاد جيشه هناك، فلما أتى الصفا علا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه فجعل يحمد الله، ويدعو بما شاء أن يدعوا، وَجَاءَتْ الْأَنْصَارُ فَأَطَافُوا بِالصَّفَا، فَجَاءَ أبو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ (٦)، فقَالَ


(١) قينهم، بفتح القاف: الحداد والصائغ، وهم يحتاجون إليه في وقود النار.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (١٣٤٩)، كتاب: الجنائز، باب: الإذخر والحشيش في القبر، ومسلم (١٣٥٣)، كتاب: الحج، باب: تحريم مكة، وفي رواية قال العباس: ولقبورهم.
(٣) يستصبح بها الناس: أي يوقدون بها مصابيحهم.
(٤) جملوه: أي: أذابوه.
(٥) متفق عليه: أخرجه البخاري (٢٢٣٦)، كتاب: البيوع، باب: بيع الميتة والأصنام، ومسلم (١٥٨١)، كتاب: المساقاه, باب: تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
(٦) خضراء قريش: أي جماعتهم، ويعبَّر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة، ومنه السواد الأعظم. (نووي).

<<  <   >  >>