للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأستار الكعبة، فاستبق إليه سعيد بن حُريث، وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارًا- وكان أشبَّ الرجلين- فقتله، وأما مقيس بن صبابة، فأدركه الناس في السوق فقتلوه، وأما عكرمة فركب البحر، فأصابتهم عاصفة، فقال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغنى عنكم شيئًا هاهنا، فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني من البحر إلا الإخلاص، لا ينجني في البَرِّ غيره، اللهم إن لك عليَّ عهدًا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدًا حتى أضع يدي في يده، فلأجدنه عفوًا كريمًا، فجاء فأسلم، وأما عبد الله بن أبي سَرْحٍ، فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ إلى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَا رسول الله بَايعْ عبد الله، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَنَظَرَ إِلَيهِ ثَلَاثًا- كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى- فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ، يَقُومُ إلى هَذَا حَيثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ؟! "، فَقَالُوا: ومَا يدْرِينا يَا رَسُولَ الله مَا في نَفْسِكَ؟ هلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَينِكَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ" (١).

النبي - صلى الله عليه وسلم - يُبايع أهل مكة:

عن الْأَسْوَدِ بن خلف - رضي الله عنه - أنه رأى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايعُ النَّاسَ يَوْمَ الْفَتْحِ، قَالَ: جَلَسَ عِنْدَ قَرْنِ مَصْقَلَةَ (٢)، فَبَايَعَ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالشَّهَادَةِ (٣).

وعن مُجَاشِعِ بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَخِي بَعْدَ الْفَتْحِ، قُلْتُ: يَا


(١) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٦٨٣)، كتاب: الجهاد، باب: قتل الأسير، ولا يُعرض عليه الإِسلام، والنسائي (٤٠٦٧)، كتاب: تحريم الدم، باب: الحكم في المرتد، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٧٢٣).
(٢) مكان في الكعبة.
(٣) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (١٥٣٦٩)، بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>