للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُهُ، قَالَ عبد بن زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا أَخِي، هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بن أبي وَقَّاصٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هُوَ لَكَ هُوَ أَخُوكَ يَا عبد بن زَمْعَةَ" - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ- وَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ"، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بن أبي وَقَّاصٍ، قَالَ رَسُولُ الله "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" (١).

وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: لما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذي طوى قال أبو قحافة لأبنة له من أصغر ولده: أي بنيَّة اظهري بي على أبي قُبيس (٢)، قالت: وقد كُفَّ بصره، قالت: فأشرفت به عليه، فقال: أيْ بنيَّة، ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادًا مجتمعًا، قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلاً يسعى بين يدي ذلك السواد مقبلاً ومدبرًا، قال: أيْ بنيَّة ذلك الوازع -يعني: الذي يأمر الخيل ويتقدَّم إليها- ثم قالت: قد والله انتشر السواد، قالت: فقال: قد والله إذن دُفِعت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي، فانحطت به، وتلقاه الخيلُ قبل أن يصل إلى بيته، قال: وفي عُنُق الجارية طوق من ورِق (٣)، فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، ودخل المسجد، أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ " قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت، فأجلسه النبي - صلى الله عليه وسلم - بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم، فأسلم، قالت: فدخل به أبو بكر، وكأن رأسه ثغامة (٤)، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "غيِّروا هذا


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٣٠٣)، كتاب: المغازي، باب: مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح، ومسلم (١٤٥٧)، كتاب: الرضاع، باب: الولد للفراش.
(٢) اظهري بي: اصعدي وارتفعي، وأبو قُبيس: جبل بمكة.
(٣) الطوق: القلادة، والورق: الفضة.
(٤) الثَّغامة بفتح أوله: شجرة، ومن شأن هذا النوع من الشجر أنه إذا يبس ابيضت أغصانه، والعرب تشبه الشيب به.

<<  <   >  >>