للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الروم آنذاك (١).

وقد عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - غزو الروم لنشر الدين الإِسلام في هذه البلاد التي هي من أقرب البلاد إلى أرض الحجاز، والتي تقع تحت السيطرة الرومية، ولتكون تلك هي المواجهة الثانية مع الروم بعد غزوة مؤتة التي لم تحقق جميع أهدافها المرجوَّة؛ فبرغم أنها أظهرت للعالم قدرة المسلمين الفائقة، حتى في مواجهة أعظم إمبراطورية في العالم حينها، وهي إمبراطورية الروم، إلَّا أنها لم تحقق الهدف الأسمى الذي ينشده المسلمون، ألا وهو إخضاع هذه الإمبراطورية وتلك الدول للإسلام والمسلمين وبالتالي توسيع المجال أمام الدعوة الإِسلامية أن تنشر بين ساكني تلك الدول، التي يمنع حكامها الظالمون المسلمين من نشر الدين الحق فيها.

والذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج في هذا الوقت بالذات، رغم ما كان بالمسلمين من شدة وعُسرة، وصول خبر إلى المدينة أنَّ أحد ملوك غسان تجهز لغزو المسلمين، مما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يسارع في الخروج لملاقاتهم في بلادهم، قبل مباغتتهم المسلمين في بلادهم (٢).

فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في الصحابة بالجهاد لغزو الروم، ولم تكن تلك عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعلم الصحابة بوجهته الحقيقة إنما كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد غزوة يغزوها وَرَّى بغيرها (٣).


(١) "السيرة النبوية الصحيحة" ٢/ ٥٢٤.
(٢) انظر: الدليل على انتشار هذا الخبر في المدينة حديث عمر - رضي الله عنه - في شرح الفقرة (٤٧) من هذه السنة، وهو حديث متفق عليه.
(٣) وَرَّى بغيرها: أي: أوهم بغيرها؛ وذلك حتى لا تتسرب الأخبار للعدو الذي يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - ملاقاته.

<<  <   >  >>