للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (٤٦) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)} [التوبة: ٤٦، ٤٧].

ويحكي أبو مُوسَى الأشعري - رضي الله عنه - قصة الأشعريين الذين أرسلوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألونه الحُملان لهم، فيقول - رضي الله عنه -: أَرْسَلَنِي أصحابي إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَسْأَلُهُ الْحُمْلَانَ لَهُمْ إِذْ هُمْ مَعَهُ في جَيْشِ الْعُسْرَةِ، وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِي الله إِنَّ أصحابي أَرْسَلُونِي إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيءٍ،- يقول أبو موسى-: وَوَافَقْتُة وَهُوَ غَضْبَانُ وَلَا أَشْعُرُ، وَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ في نَفْسِهِ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ إلى أصحابي فَأَخْبَرْتُهُمْ الَّذِي قَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا سُوَيْعَةً إِذْ سَمِعْتُ بِلَالًا يُنَادِيِ أَيْ عبد الله بن قَيْسٍ، فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: أَجِبْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُوكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، قَالَ: خُذْ هَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ، وَهَذَيْنِ الْقَرِينَيْنِ (١) -لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ- فَانْطَلِقْ بِهِنَّ إلى أَصْحَابِكَ، فَقُلْ: إِنَّ الله -أَوْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله- يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ فَارْكَبُوهُنَّ فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِم بِهِنَّ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ، وَلَكِنِّي وَاللهِ لَا أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إلى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، لَا تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُم شَيئًا لَم يَقُلْهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالُوا لِي: وَاللهِ إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ، فَانْطَلَقَ أبو مُوسَى بنفَرٍ مِنْهُمْ حَتَّى أَتَوْا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْعَهُ إِيَّاهُمْ ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ فَحَدَّثُوهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أبو مُوسَى (٢).


(١) الْقَرِينَيْنِ: أي: البعيرين المتماثلين في الحجم والسنّ.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٤١٥)، كتاب: المغازي، باب: غزوة تبوك وهي غروة العسرة، ومسلم (١٦٤٩)، كتاب: الإيمان, باب: ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفّر عن يمينه.

<<  <   >  >>