للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الطريق فُقدت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال أحد المنافقين -واسمه زيد بن اللُّصيت- وكان في رَحْل صحابي اسمه عُمارة بن حزم: أليس محمَّد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمارة عنده: إن رجلاً قال: هذا محمَّد يخبركم أنه نبي، ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته، وأنا والله ما أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها، وهي في هذا الوادي في شِعب كذا وكذا، قد حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها، فذهبوا فجاءوا بها، فرجع عمارة بن حزم إلى رحله، فقال: والله لعجبٌ من شيء حدثناه رسول الله -صلى الله عليه وسلم - آنفًا، عن مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا -للذي قال زيد بن اللُّصيت- فقال رجل: ممن كان في رحل عُمارة ولم يحضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي، فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه، ويقول: إلى عباد الله، إن في رحلي لداهية وما أشعر، اخرج أي عدو الله من رحلي، فلا تصحبني (١).

ومضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فجعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: تخلف فلان، فيقول: دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك، فقد أراحكم الله منه.

وتلوَّم على أبي ذر بعيرُه، فلما أبطأ عليه، أخذ متاعه فجعله على ظهره، ثم


= عن محمود بن لبيد، عن رجال من بني عبد الأشهل، به، ومحمود بن لبيد صحابي صغير، قال ابن حجر في "التقريب" (٥٨٢): صحابي صغير وجل روايته عن الصحابة. اهـ.
فإن كان من روى عنهم هذه الرواية من الصحابة, فلا يضر إبهامهم، ويكون الحديث صحيحًا.
(١) "سيرة ابن هشام" ٤/ ٩٣، من رواية ابن إسحاق بالإسناد السابق.

<<  <   >  >>