للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثانية: أنها مرسلة معضلة ولم تأت من طريق موصولة يحتج بها.

ثم ذكر أنها زيادة منكرة من حيث المعنى، إذ لا يليق بالنبي المعصوم أن يحاول قتل نفسه مهما كان الدافع له على ذلك (١).

[عودة الوحي]

ثم حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عودة الْوَحْيِ إليه مرة أخرى فَقَالَ: "فَبَينَما أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صوْتًا مِنْ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَجَئِثْتُ (٢) مِنْهُ رُعْبًا فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فَدَثَّرُونِي فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١)} إلى {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)} [المدثر: ١ - ٥] ثم حمي الوحي وتتابع" (٣).

٢ - ظل - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله سرًا ثلاث سنوات.

[الشرح]

فلما نزلت يا أيها المدثر كان إيذانًا له - صلى الله عليه وسلم - ببدء الدعوة إلى الله، فبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله سرًا حفاظًا منه على الدعوة وعلى من معه من المؤمنين وهم قلة، وحتى لا يعلم المشركون بذلك فيقضون علي الدعوة في مهدها.

وأكد العلماء على أن هذه الفترة كانت ثلاث سنوات، فقد اجتهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الفترة في دعوة من يغلب على ظنه أنه سيدخل في هذا الدين، وسوف


(١) انظر: "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة" (٤١).
(٢) جُئثتُ: ذُعِرتُ وخفت. يقال: جُئث الرجل، وجئف وجُثَّ إذا فَزع.
(٣) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٩٢٥)، كتاب: التفسير، باب: وثيابك فطهر، ومسلم (١٦١) كتاب: الإيمان، باب: بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <   >  >>