للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سِتْرَ الْحُجْرَةِ، فَنَظَرَ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِم كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ضَاحِكًا. قَالَ: فَبُهِتْنَا وَنَحْنُ في الصَّلَاةِ مِنْ فَرَحٍ بِخُرُوجِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَنَكَصَ أبو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خَارِجٌ لِلصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيهِم رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُم، قَالَ: ثُمّ دَخَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْخَى السِّتْرَ، قَالَ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ (١).

وعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قالت: إِنَّ مِنْ نِعَمِ الله عَلَىَّ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تُوُفي في بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ الله جَمَعَ بَينَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ، دَخَلَ عَلَىَّ عبد الرَّحْمَنِ وَبِيَدِه السِّوَاك، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ، فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ، فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَم، فَلَيَّنْتُهُ، فَأَمَرَّهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أَوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في الْمَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا الله إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ"، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: "في الرَّفِيقِ الْأَعْلَى"، حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ (٢).

[إلى الرفيق الأعلى]

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ في مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ.

وفي رواية قالت عائشة: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: "إِنَّهُ لَم


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٨٠) الأذان، ومسلم (٤١٩) الصلاة.
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٤٤٤٩)، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.

<<  <   >  >>