للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ قالت عائشة: فَلَمَّا نَزَلَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي، غُشِيَ عَلَيهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ (١)، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إلى السَّقْفِ، ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى".

قَالَتْ عَائِشَةُ: قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَعَرَفْتُ الْحَدِيثَ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا بِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ في قَوْلِهِ: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ، حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّة ثُمَّ يُخَيَّرُ".

قَالَتْ عائشة: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قَوْلُهُ: "اللهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى" (٢).

وتسرب النبأ الفادح من البيت المحزون، وله طنين في الآذان. وثقل ترزح تحته النفوس، وتدور به البصائر والأبصار.

وشعر المؤمنون أن آفاق المدينة أظلمت، فتركتهم لوعة الثكل حيارى، لا يدرون ما يفعلون.

ووقف عمر بن الخطاب- وقد أخرجه الخبر عن وعيه- يقول: إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما مات ولكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع بعد أن قيل قد مات.

والله ليرجعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات (٣)!


(١) متفق عليه: أخرجه البخاري (٤٤٣٥) المغازي، ومسلم (٢٤٤٤) فضائل الصحابة.
(٢) صحيح: أخرجه مسلم (٢٤٤٤).
(٣) "فقه السيرة" للغزالي (٥١٩).

<<  <   >  >>