للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يطوف بالبيت عريان) (١). لذلك علق ابن حجر على الحديث السابق بقوله: "وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان مصوناً عما يستقبح قبل البعثة وبعدها" (٢).

إن حادثة تجديد بناء الكعبة قد كشفت عن مكانة النبي الأدبية في الوسط القرشي، فقد اختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود مكانه، ثم اتفقوا على أن يحكموا أول داخل من باب بنبي شيبة فدخل رسول الله، فأمر بثوب فأخذ الحجر ووضعه في وسطه، ثم أمرهم برفعه جميعا ثم أخذه فوضعه مكانه (٣). وقد ذكر عبد الله بن السائب المخزومي - وهو شاهد عيان اشترك في بناء الكعبة يومئذ - بأن قريشاً قالت لما دخل النبي من باب بني شيبة "أتاكم الأمين" (٤). مما يبرز مكانته في قومه قبيل البعثة.

ومما خالف فيه الرسول صلى الله عليه وسلم قريشاً الوقوف بعرفة، وكانت قريش تفيض من مزدلفة على حين يفيض بقية الناس من عرفة، وتعلل قريش ذلك بأنها أهل الحرم، فليس لها أن تخرج من الحرمة، ولا تعظم غيرها كما تعظمها (٥).


(١) البخاري: صحيح ٢/ ١٦٤ كتاب الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان ٢/ ١٧٥ كتاب الحج، باب الوقوف بعرفة.
(٢) فتح الباري ١/ ٤٧٥.
(٣) أحمد: المسند ٣/ ٤٢٥ والحاكم: المستدرك ٣/ ٤٥٨ من حديث عبد الله بن السائب المخزومي وصححه وأقره الذهبي، لكن مداره على هلال بن خباب وهو صدوق تغير بأخرة ولا يعلم إن كان الراويان عنه هنا وهما عباد وأبو زيد سمعا منه قبل تغيره أم بعده (تهذيب التهذيب ١١/ ٧٨ والكواكب النيرات ٤٣٤) وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه (الطيالسي: مسند ١٨ والحاكم: المستدرك ١/ ٤٥٨ - ٤٥٩ وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي، مع أن خالد بن عرعرة - في إسناده - ليس من رجال مسلم، بل وثقه العجلي وابن حبان وهما متساهلان، وثمة علة أخرى في إسناده هي أن سماك بن حرب في سنده وقد تغيره بأخرة، ورغم تعدد الرواة عنه فإنهم جميعاً لم يذكروا فيمن رووا عنه قبل الاختلاط). والحديث من رواية عبد الله بن السائب على يرقى إلى الحسن لغيره. وله شواهد مرسلة تقويه (مصنف عبد الرزاق ٥/ ٩٨ - ١٠٠ عن مجاهد، ١٠٠ - ١٠١ عن الزهري).
(٤) مسند أحمد ٣/ ٤٢٥ والحاكم: المستدرك ٣/ ٤٥٨.
(٥) سيرة ابن هشام ١/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>