للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البعثة المحمدية]

بعث رسول الله وعمره أربعون سنة (١). وقد شذت رواية تفيد أن عمره ثلاث وأربعون (٢). وقد سعى البيهقي للتوفيق بين القولين بالاعتماد على مرسل الشعبي: "نزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوته اسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشيء، ولم ينزل القرآن على لسانه عشرين [سنة] " (٣). ولكن هذا المرسل لا يصح للاحتجاج به لإرساله، وتفرده، ومثل هذا الخبر لابد أن يشتهر ويعرف في جيل الصحابة، ثم إن مفاجأة الوحي للنبي تدل على خلافه، مما يؤيد رواية الصحيحين بأن البعثة المحمدية بدأت وعمره أربعون سنة.

وثبت أن الوحي نزل عليه أول ما نزل يوم الأثنين (٤).

والمشهور أن نزول القرآن بدأ في شهر رمضان (٥). والوحي المحمدي نظير الوحي الإلهي إلى الأنبياء السابقين قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} (٦).


(١) صحيح البخاري (فتح الباري ٦/ ٥٦٤، ٧/ ١٦٢، ٢٢٧، ١٠/ ٣٥٦) وصحيح مسلم ٤/ ١٨٢٤، ١٨٢٧. وسيرة ابن هشام ١/ ٢٥١، ٢٥٢.
(٢) الطبري: تاريخ الأمم والملوك ٢/ ٢٩٢، ٣٨٤ وانظر كلام النووي وابن حجر عن شذوذها رغم أن رجال السند ثقات وأن راويها هشام بن حسان هو الذي روى رواية الصحيحين (النووي: صحيح مسلم بشرحه ١٥/ ١٠٣ وابن حجر: فتح الباري ٧/ ٢٣٠).
وقد ذهب سعيد بن المسيب إلى القول بأن نزول القرآن عليه وهو ابن ثلاث وأربعين (مصنف ابن أبي شيبة ١٤/ ٢٩٠) لكنه - وإن كان مرسلاً قوياً - مخالف للصحيح كما أن ابن عبد البر حكى عن سعيد أنه ممن قال بأن النبوة كانت سنة أربعين (الاستيعاب بحاشية الإصابة ١/ ١٤).
(٣) البيهقي: دلائل ٢/ ١٣٢ وليس فيه (سنة) وأضفتها للتوضيح، وانظر كلام ابن حجر (فتح الباري ١/ ٢٧) وكلام ابن كثير نقلا عن أبي شامة (السيرة النبوية ١/ ٣٨٨ - ٣٨٩).
(٤) مسلم: الصحيح ٨/ ٥١، ٥٢ وأبو داؤد: السننن ٢/ ٨٠٨ - ٨٠٩
(٥) البقرة ١٨٥ وسيرة ابن هشام ١/ ٢٥٤، ٢٥٨، والسيرة النبوية لابن كثير ١/ ٣٩٢.
(٦) النساء ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>