للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحافظ ابن حجر أن بينهما مغايرة كثيرة ولكن الجمع بينهما ممكن (١). وعلى أية حال فالقاعدة أن الأصح ما اتفق عليه البخاري ومسلم لذلك يلزم عند التعارض اعتماد رواية ابن عباس، ويؤخذ من الروايات الصحيحة أنا أبا ذر رضي الله عنه كان منكراً لحال الجاهلية، يأبى عبادة الأصنام وينكر على من يشرك بالله، وكان يصلي لله قبل إسلامه، بثلاث سنوات دون أن يخص قبلة بعينها بالتوجه، ويبدو أنه كان متأثراً بالأحناف، ولما سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قدم إلى مكة وكره أن يسأل عنه حتى أدركه الليل، فاضطجع فرآه علي رضي الله عنه فعرف أنه غريب، فاستضافه ولم يسأله عن شئ، ثم غادره صباحاً إلى المسجد الحرام فمكث حتى أمسى، فرآه علي فاستضافه لليلة ثانية، وحدث مثل ذلك في الليلة الثالثة ثم سأله عن سبب قدومه، فلما استوثق منه أبو ذر أخبره بأنه يريد مقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له علي:"فإنه حق وهو رسول الله فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني، فتبعه وقابل الرسول صلى الله عليه وسلم واستمع إلى قوله فأسلم، فقال له النبي ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري. فقال: والذي نفسي بيده لأصرخنَّ بها بين ظهرانيهم، فخرج حتى أتى المسجد، فنادى بأعلى صوته، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وثار القوم فضربوه حتى أضجعوه"، فأتى العباس بن عبد المطلب فحذرهم من انتقام غفار والتعرض لتجارتهم التي تمر بديارهم إلى الشام. فأنقذه منهم (٢). وهذه الرواية تفيد وجود بعض الأحناف في البوادي ولعل ما بدا من حذر علي رضي الله عنه وما وقع من ضرب قريش لأبي ذر ومن وصف أنيس أخي أبي ذر الحالة في مكة عندما دخلها قبيل دخول أبي ذر فقال


(١) فتح الباري ٧/ ١٧٤، ١٧٥.
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري ٧/ ١٧٣) وصحيح مسلم ٤/ ١٩٢٣ - ١٩٢٥) وأما رواية عبد الله بن الصامت ففي صحيح مسلم (٤/ ١٩١٩ - ١٩٢٣) وتذهب رواية ابن الصامت إلى أن اللقاء الأول بين أبي ذر والرسول صلى الله عليه وسلم تم قرب الكعبة المشرفة بحضور أبي بكر ولا تذكر علياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>