للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأخيه محذراً "وكن على حذر من أهل مكة فإنهم قد شنفوا له وتجهموا" (١) لعل في ذلك كله ما يؤكد أن إسلامه جرى بعد إعلان الدعوة وانتهاء المرحلة السرية.

لقد عاد أبو ذر إلى غفار فأسلم نصفهم، وأسلم النصف الثاني بعد الهجرة النبوية.

كذلك يظهر من سياق قصة إسلام ضماد - من ازد شنوءة - أنه تم في بداية مرحلة الجهر بالدعوة، وبعد أن جاهر الرسول صلى الله عليه وسلم بتسفيه عقائد المشركين، فردوا عليه بالدعاية الكاذبة واصفين إياه بالجنون، فلما قدم ضماد مكة وسمع سفهاء مكة يتهمون النبي بالجنون، وكان ضماد يرقي من مس الجنون ذهب إلى الرسول وعرض عليه أن يرقاه. فقال رسول الله: "إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد" فقال ضماد: أعد عليَّ كلماتك هؤلاء، فأعادهنَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال ضماد: لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ثم أسلم وبايع عن نفسه وقومه (٢).

إن الكلمات النبوية تلمس شغاف قلوب البشر وتزيل الحجب بينهم وبين حقيقة توحيد الألوهية التي غابت عنهم آماداً طويلة فتنقلهم الكلمات بصدقها


(١) صحيح مسلم ٤/ ١٩٢٣ وشنفوا له أي أبغضوه.
وقارن برواية الطبراني: المعجم الأوسط ١/ ١٥٦ أي بإسناد ضعيف فيه أبو طاهر مولى الحسن بن علي مجهول (الكني للبخاري ٤٦ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩/ ٣٩٧ وابن حبان: الثقات ٥/ ٥٧٥ - ٥٧٦) والحاكم: المستدرك ٣/ ٣٣٩ - ٣٤١ وفي إسناده عباد بن الريان مجهول الحال (الأسماء والكني للدولابي ٢/ ١٨).
وأما الواقدي فقد خالف الروايات الصحيحة فروى ما يشير إلى أن أبا ذر كان قاطع طريق، وأنه أسلم بعد أبي بكر بيوم أو يومين ثم ناقضها برواية تقول أن أبا ذكر كان متألها فما أعجب ما يروي الواقدي!! (طبقات ابن سعد ٤/ ٢٢٢ - ٢٢٤).
(٢) صحيح مسلم ٢/ ٥٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>