للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي معيط، وأن الذي حرضه هو أبو جهل (١)، وأنا المشركين تأثروا لدعوة الرسول، وشق عليهم الأمر، لأنهم يرون أن الدعوة بمكة مستجابة (٢).

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على قريش لما كذبوه واستعصوا عليه فقال: "اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة فحصت كل شئ حتى أكلوا الميتة والجلود، وجعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع.

فأتى أبو سفيان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إنك تأمر بطاعة الله، وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فأدع الله لهم. وقد أثبت القرآن هذا الحادث فقال تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إلى قوله {عَائِدُونَ} (٣) فلما دعا ربه لهم آملاً توبتهم عادوا إلى كفرهم ونسوا ما حكاه القرآن على لسانهم قالوا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} (٤).

ويرى الحافظ الدمياطي أن ابتداء دعاء النبي على قريش بذلك كان عقب طرحهم على ظهره سلا الجزور (٥). ولكن من المهم أن نلاحظ أن دعوته عليهم كانت بسبب تكذيبهم إياه واستعصائهم على الإيمان، وليس بسبب إيذائهم له،


(١) صحيح البخاري (فتح الباري ٦/ ٢٨٣، ٧/ ١٦٥) وصحيح مسلم ٣/ ١٤٢٠.
(٢) فتح الباري ١/ ٣٤٩ وقد زاد الأجلح بن عبد الله الكندي زيادة تفرد بها عن أبي إسحاق السبيعي ولم ينقلها الحفاظ الكبار من تلاميذ أبي إسحاق ممن أتقنوا حديثه مثل شعبة وسفيان الثوري وإسرائيل وغيرهم. والأجلح صدوق عند ابن حجر (تقريب ٩٦) وإنما يقبل النقاد زيادات الثقات، أما من الناحية التأريخية فيمكن التساهل في قبول هذه الرواية ما دامت لا تعارض روايات الثقات، ولأن المؤرخين يبنون على ما هو أدنى منها من الأخبار.
وخلاصة الرواية، أن النبي صلى الله عليه وسلم غادر المسجد بعد هذه الحادثة فلقيه أبو البختري فسأله عن شأنه وألح عليه فأخبره بما فعل أبو جهل، فمضى أبو البختري إلى أبي جهل فسأله عما فعل فاعترف فضربه بالسوط على وجهه، ووقع تلاح بين الرجال في المسجد.
(انظر كشف الأستار ٣/ ١٢٦ - ١٢٧ وفتح الباري ١/ ١٥٣ وعزاه لابن إسحاق في المغازي).
(٣) صحيح البخاري ٢/ ١٥، ١٩، ٦/ ٣٢، ١٩، ٣٩، ٤٠، ٤١، وصحيح مسلم ٤/ ٢١٥٥ - ٢١٥٧.
(٤) صحيح البخاري ٦/ ٣٩، ٤٠، وصحيح مسلم ٤/ ٢١٥٧.
(٥) ابن حجر: فتح الباري ٢/ ٥١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>