للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثمة رواية ضعيفة تفيد أن المشركين ضربوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى خضبوه بالدماء، وأن جبريل واساهُ ببيان معجزة له حيث دعا الرسول شجرة فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه (١). وكانت السخرية والاستهزاء من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودعوته أحد الأساليب التي اتبعها المشركون في الحرب الكلامية لصرف الناس عن الدعوة، فكان أبو جهل يقول ساخراً: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم!! فنزلت الآية {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ...} (٢).

كما وردت رواية في سبب نزول الآية {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} (٣) ومفادها أن الوليد بن المغيرة، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب أبو زمعة من بني أسد بن عبد العُزَّى، والحارث بن عيطل السهمي، والعاص بن وائل، كانوا يستهزئون برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فشكاهم إلى جبريل، فعاقبهم الله في أبدانهم عقوبات شديدة. لكن الرواية لم تثبت من طريق صحيحة (٤).


وقارن برواية أنس بن مالك في مسند أبي يعلى ٦/ ٣٦٢ بإسناد فيه عنعنة الأعمش وهو مدلس. وبرواية أسماء بنت أبي بكر في مسند أبي يعلى ١/ ٥٢ بإسناد فيه أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس وهو مدلس وقد عنعنه، وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده (فتح الباري ٧/ ١٦٩).
(١) سنن ابن ماجة ٢/ ١٣٣٦ ومسند أحمد ٣/ ١١٣ ومصنف ابن أبي شيبة ١١/ ٤٧٨ - ٤٧٩ وسنن الدارمي ١/ ١٢ - ١٣ بإسناد فيه عنعنة الأعمش وهو مدلس.
(٢) صحيح البخاري ٥/ ١٩٩ كتاب التفسير باب قوله {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ ...} وباب قوله {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} وصحيح مسلم ٤/ ٢١٥. والآيات من سورة الأنفال ٣٣.
(٣) الحجر ٩٥.
(٤) نعم صحح الذهبي الحديث (السيرة النبوية ١٤٣) ولكنه لم يسق إلا أعلى السند وهو صحيح كما قال.
ونحن لا نعلم من أسانيدها الكاملة إلا ما ساقه البيهقي في الدلائل ٢/ ٣١٦ - ٣١٨ وفي سنده أحمد بن يوسف السلمي لم أقف على ترجمته ولولاه لكان السند لا بأس به.
وقد ساق الطبراني الرواية في الأوسط (مجمع البحرين ٢/ ١٨ ب) وفي سنده محمد بن عبد الحكيم النيسابوري قال الهيثمي: لم أعرفه (مجمع الزوائد ٧/ ٤٧) ولم أقف على ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>