للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شك أن المسلمين -على ضعفهم- كانوا يرغبون في الدفاع عن أنفسهم ويبدو أن الموقف السلمي أغاظ بعضهم وخاصة الشباب منهم. وقد أتى عبد الرحمن بن عوف وأصحابه إلى النبي بمكة فقالوا: يا نبي الله، كنا في عزة ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة! قال: إني أُمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم - فلما حوله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا، فأنزل الله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ} (١) (٢).

وتجمل عبارات لعائشة -رضي الله عنها- ولعبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- الحال التي كان عليها المسلمون بمكة في تلك المرحلة .. قالت عائشة -وقد سئلت عن الهجرة-: "لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم- مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبُدُ ربَّه حيث شاء" (٣).

وقال عبد الله بن عمر: " ... كان الإسلام قليلًا، فكان الرجل يفتن في دينه، إما قتلوه، وإما يعذبوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة!! " (٤).

وقد بقيت المأساة التي يعيشها المستضعفون حاضرة في نفس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان يدعو لمن بقي منهم بمكة بالنجاة من المشركين وذلك بعد هجرته إلى المدينة (٥).


(١) النساء ٧. والآية مدنية تشير إلى ما حدث بمكة من الأمر بالكف عن القتال.
(٢) الطبري: تفسيره ٥/ ١٧٠ - ١٧١ والحاكم: المستدرك ٢/ ٣٠٧ وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري وأقره الذهبي.
والصحيح أنه على شرط مسلم فقط لأن البخاري أخرج للحسين بن واقد تعليقاً فقط. وانظر أيضًا تفسير ابن كثير ١/ ٤٥١.
(٣) صحيح البخاري ٤/ ٢٥٣، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.
(٤) صحيح البخاري ٥/ ١٥٧، ٢٠٠ كتاب التفسير.
(٥) صحيح البخاري ٢/ ١٥ وصحيح مسلم ١/ ٤٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>