للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزع، لأقررت بها عينك، فأنزل الله {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (١) (٢).

لقد كانت أفكار الجاهلية راسخة في عقل أبي طالب، ولم يتمكن من تغييرها، فهو شيخ كبير يصعب عليه تغيير فكره وما ألفه عن آبائه، وكان أقرانه حاضرين وقت احتضاره فأثروا عليه خوفاً من شيوع خبر إسلامه وتأثير ذلك على قومه.

وأما ما نقله ابن إسحاق من أن العباس نظر إلى أبي طالب يحرك شفتيه، فقال لرسول الله: يا ابن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم أسمع. فهو خبر لا يصح (٣).

وعلى أية حال فإن موته أفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنداً كبيراً، فلم يعد بنو هاشم مستعدين بعده لتقديم نفس القدر من الحماية لما يصيبهم من أضرار مادية ونفسيه كما تبين من حادثة المقاطعة (٤).

وقد تجلى ذلك في رحلة النبي إلى الطائف طلباً للنصرة ثم استمراره في طلب النصرة من القبائل الأخرى بعد إخفاق محاولة الطائف.


(١) القصص ٥٦.
(٢) صحيح البخاري (فتح الباري ٨/ ٥٠٦) وصحيح مسلم بشرح النووي ١/ ٢١٣ - ٢١٦. وقد لفقت بين الروايتين الصحيحتين.
أما رواية ابن إسحاق التي تفيد إسلام أبي طالب ففي سنده مبهم فهي رواية ضعيفة (سيرة ابن هشام ٢/ ٤٦ - ٤٧).
وانظر عن تخفيف العذاب عن أبي طالب صحيح البخاري (فتح الباري ١٠/ ٥٩٢) وصحيح مسلم بشرح النووي ٣/ ٨٤، ٨٥.
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٤١٧ بسند ضعيف فيه مبهم فضلاً عن مخالفته لما في الصحيحين. مع أن العباس لم يكن قد أسلم آنذاك، فلا يصح أداؤه، وكان يسأل رسول الله: هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فلو عنده علم بإسلامه لما تساءل (فتح الباري ٧/ ١٩٤).
(٤) صالح العلي: محاضرات ١/ ٣٧٥ - ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>