للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود أنهم بايعوا على وفق بيعة النساء التي نزلت بها الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} (١) بعد صلح الحديبية (٢). حيث لم يرد في بيعة العقبة الأولى ذكر القتال.

ومعنى ذلك أن عبادة حدث بهذا النص بعد نزول الآية فشبه بيعة العقبة الأولى ببيعة النساء. ويلاحظ أن نص البيعة يكل معاقبة الجرائم إلى الله تعالى في الآخرة لعدم تشريع الحدود الإسلامية مما يؤكد قدم النص وأنه يخص بيعة العقبة الأولى.

ولما انجزت بيعة العقبة الأولى، وعاد الأنصار إلى المدينة بعث رسول الله معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين. فقام بمهمته خير قيام وانتشر على يديه الإسلام، ورجع إلى مكة قبل بيعة العقبة الثانية (٣).

[بيعة العقبة الثانية]

ولما انتشر الإسلام في المدينة، واطمأن المسلمون المهاجرون بين إخوانهم الأنصار، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة يلاقي عنت قريش وأذاها الذي كان يشتد على مر الأيام، قدم وفد من الأنصار في موسم الحج فبايعوا بيعة العقبة الثانية.

قال جابر بن عبد الله الأنصاري:"فقلنا: حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف، فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله نبايعك.


(١) الممتحنة ١٢.
(٢) ابن حجر: فتح الباري ١/ ٦٦، ١٢/ ١٩٧ ويلاحظ أن الحافظ - رحمه الله - خلط بين نصوص بيعتي العقبة الأولى والثانية مما جعل كلامه متداخلاً مضطرباً. وأنظر تراجعه في ٧/ ٢٢٢ (انظر سليمان العودة: السيرة النبوية في الصحيحين وعند ابن إسحاق ٣٤٦).
ولا يعيب هذا الحافظ ابن حجر فكثيراً ما حل لنا المشكلات العويصة في السيرة.
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٤٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>