للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن الأمر كان كذلك في بداية الهجرة، فلما جاء الله بالغنى لم تعد هناك حاجة لتوزيعهم على دور الصحابة (١).

وقد استثارت حالة أهل الصفة سبعين من الأنصار يقال لهم القراء - وهم الذين استشهدوا يوم بئر معونة- فكانوا يقرأون القرآن ويتدارسون بالليل ويتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه بالمسجد ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لأهل الصفة والفقراء (٢) وقد اقترح محمد بن مسلمة الأنصاري وآخرون من الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج كل واحد منهم قنوا (٣) من بستانه حين ينضج التمر لأهل الصفة والفقراء فوافق على ذلك، ووضح في المسجد حبلاً بين ساريتين فأخذ الناس يعقلون الأقناء على الحبل، فربما اجتمعت عشرين قنواً وأكثر.

وكان معاذ بن جبل (رض) يقوم على حراسة الأقناء. وتشير رواية أخرى إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أشار على الناس بالتصدق بقنو من ثمار بساتينهم ليرفع الله تعالى عنهم عاهة أصابت ثمارهم ففعلوا (٤).

وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل علق قنوا فيه حشف وأراد أن يكون التصدق بأطيب من ذلك (٥). ويشير نص أورده السمهودي إلى استمرار عادة تعليق الأقناء في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة - على الأقل- خلال القرن الثاني الهجري (٦).

الآيات التي قيل إنها نزلت في أهل الصفة:

١ - قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ


(١) ابن سعد: الطبقات ١/ ٢٥٥
(٢) مسلك: الصحيح - كتاب الامارة- حديث (١٤٧). وأحمد: المسند ٣/ ٢٧٠. وابن سعد: الطبقات الكبرى ٣/ ٥١٤.
(٣) القنو العذق بما فيه من الرطب وجمعه أقناء، (لسان العرب - مادة "قنا")
(٤) السمهودي: وفاء الوفا ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥
(٥) المصدر السابق ١/ ٣٢٥ والحشف: اليابس الفاسد من التمر، (لسان العرب مادة "حشف").
(٦) المصدر السابق أيضاً ١/ ٣٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>