للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتادة وعروة بن الزبر وابن إسحق وعبد الرزاق (١). وقد ذهب الإمام مالك وموسى بن عقبة إلى أن الخندق كانت في شوال سنة أربع، وبه قال ابن حزم وقد استدل الثلاثة بحديث عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه (٢).

وقد بين البيهقي إمكان الجمع بين القولين فقال: "ولا اختلاف بينهم في الحقيقة، لأن مرادهم أن ذلك بعد مضي أربع سنين وقبل استكمال خمس". وقد صرح الزهري بأن الخندق كانت بعد أحد بسنتين، ولا خلاف أن أحدا في شوال سنة ثلاث إلا على قول من ذهب إلى أن أول التاريخ من محرم السنة التالية لسنة الهجرة، ولم يقدروا الشهور الباقية من سنة الهجرة من ربيع الأول إلى آخرها، كما حكاه البيهقي، وبه قال يعقوب بن سفيان الفسوي وقد صرح بأن بدراً في الأولى وأحدا في سنة اثنتين وبدر الموعد في شعبان سنة ثلاث، والخندق في شوال سنة أربع وهذا مخالف لقول الجمهور، فإن المشهور أن عمر رضي الله عنه جعل أول التاريخ من محرم سنة الهجرة، وعن مالك أنه من ربيع الأول سنة الهجرة.

فصارت الأقوال ثلاثة والصحيح قول الجمهور أن أحداً في شوال سنة ثلاث وأن الخندق في شوال سنة خمس من الهجرة.

أما حديث ابن عمر فقد أجاب عنه جماعة من العلماء منهم البيهقي بأنه عرض يوم أحد وهو في أول الرابعة عشرة، ويوم الأحزاب وهو في أواخر الخامسة عشرة، وهو المعقول لأن المشركين لما انصرفوا عن أحد وأعدوا المسلمين إلى بدر العام القابل ولم يقع. فقال: فلا يعقل أن يأتوا لحصار المدينة بعد شهرين (٣).


(١) مصنف عبد الرزاق ٥/ ٣٦٧ وسيرة ابن هشام ٣/ ٦٩٩ والهيثمي ٦/ ١٤٣ وعزاه للطبراني وقال إن رجاله ثقات.
(٢) صحيح البخاري ٣/ ٣٣، ٧٣ وانظر قول مالك.
(٣) ابن كثير: البداية والنهاية ٤/ ٩٣ - ٩٤ والسيرة النبوية ٣/ ١٨٠ - ١٨١.
وابن القيم: زاد المعاد ٣٨٨ - ٣٨٩ وابن حجر: فتح الباري ٧/ ٣٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>