للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصانة قلاع اليهود وحصونهم في خيبر وكثرة مقاتليهم وسلاحهم. وكذلك كان صدى فتح خيبر مدوياً في أوساط القبائل العربية الأخرى التي أدهشها الخبر وخذلها النصر، فكفكفت من عدائها، وجنحت إلى المسالمة والموادعة، ففتحت آفاق جديدة أمام انتشار الإسلام.

عدم إجلاء يهود خيبر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم:

وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبقى يهود خيبر فيها على أن يعملوا في زراعتها وينفقوا عليها من أموالهم ولهم نصف ثمارها. على أن للمسلمين حق إخراجهم منها متى أرادوا وكان اليهود قد بادروا بعض ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: نحن أعلم بالأرض منكم فوافق على ذلك بعد أن هم بإخراجهم منها (١).

وهمه بإخراجهم دليل على أن خيبر كلها فتحت عنوة لأن من صالح منهم صالح على حقن دمه وإجلائه منها.

فأقاموا فيها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث من قبله رجلاً لتقدير الثمار وقبض حصة المسلمين، وقد بعث الله عبد الله بن رواحة مرة فقدر الثمار بعشرين ألف وسق من تمر ثم خيرهم بين أخذها حسب تقديره أو تركها له وفق ذلك فقالوا متعجبين من عدالته: هذا الحق وبه تقوم السموات والأرض قد رضينا أن نأخذه بما قلت (٢).


(١) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب معاملة النبي أهل خيبر ٧/ ٤٩٦ وصحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب المساقاة والمعاملة بجزء من التمر والزرع ٣/ ١١٨٦، ١١٨٧.
وأبو داود: سنن، كتاب البيوع، باب في المساقاة ٣/ ٦٩٧ ولا يتعارض ذلك مع رواية أخرى في سنن أبي داود، كتاب الخراج، باب ما جاء في حكم أرض خيبر ٣/ ٤١٢ تقول (فلما صارت الأموال بيد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ولم يكن لهم عمال يكفونهم عملها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود فعاملهم) إذ يمكن التوفيق بأن اليهود عرضوا ذلك على الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه رد عليهم بعد أن تأمل في عرضهم ورأى ما فيه من مصلحة للمسلمين فدعاهم وعاملهم.
(٢) الفتح الرباني في ترتيب مسند أحمد ٢١/ ١٢٥ وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>