للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بنى للرسول صلى الله عليه وسلم عريش أو قبة كان فيها. ليدير منها المعركة باقتراح من سعد بن معاذ (١) وذلك لأهمية الحفاظ على القائد في المعركة.

ولما اقترب المشركون من المسلمين قال لهم الرسول الكريم: "لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه". فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" (٢). فلما سمع عمير بن الحمام الأنصاري ذلك قال: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض قال: نعم. قال: بخ بخ (٣). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يحملك على قولك بخ بخ؟ قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال: فإنك من أهلها. فأخرج تمرات من قرنه (٤) فجعل يأكلن منهن. ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل" (٥)!!.

وحكى عمر بن الخطاب إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء يوم بدر قال: (لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه "اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} " فأمده الله بالملائكة) (٦). وقد خرج من العريش وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (٧).


(١) فتح الباري ٧/ ٢٨٧ من رواية البخاري.
(٢) مختصر صحيح مسلم للمنذري ٢/ ٧٠ حديث رقم ١١٥٧.
(٣) كلمة تقال لتعظيم الأمر في الخير.
(٤) القرن: جعبة النشاب.
(٥) صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ٣/ ١٥٠٩ - ١٥١٠ حديث رقم ١٩٠١.
(٦) شرح النووي على صحيح مسلم ١٢/ ٨٤ - ٨٥.
(٧) من رواية البخاري (فتح الباري ٧/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>