للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمسح الدم وهو يقول: "كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الإسلام" فأنزل الله عز وجل في ذلك: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (١). لقد استبعد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوفق الله من آذوه بهذه الصورة فأخبره الله سبحانه بأن ذلك ليس ببعيد إن أراد الله هدايتهم، فقال عليه الصلاة والسلام لما طمع بإسلامهم "رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (٢).

وقد ورد أن أبا دجانة كان يحمي الرسول صلى الله عليه وسلم بظهره حتى كثر النبل فيه، وأن قتادة بن النعمان أبلى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن عينه أصيبت فردها الرسول صلى الله عليه وسلم بيده فكانت أحسن عينيه (٣).

وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن قتلت فأين أنا؟ قال "في الجنة فألقى ثمرات في يده ثم قاتل حتى قتل (٤).

وكان عبد الله بن جحش قد دعا ربه فقال: (إني أقسم أن نلقي العدو فإذا لقينا العدو أن يقتلوني ثم يبقروا بطني ثم يمثلوا بي فإذا لقيتك سألتني: فيم هذا؟ فأقول: فيك.

فلقى العدو ففعل ذلك به) (٥).

وقد أبى عمرو بن الجموح- وكان أعرج شديد العرج مما يسقط عنه الجهاد - إلا أن يشهد المعركة مع أبنائه الأربعة طلبا لشهادة، فقال للرسول


(١) صحيح مسلم ٢/ ١٤٩ وسيرة ابن هشام ٣/ ٢٩ والبخاري معلقا. (فتح الباري ٧/ ٣٦٥).
(٢) صحيح مسلم ٢/ ١٤٩.
(٣) ابن إسحق من مرسل عاصم بن عمر بن قتادة، ولم تثبت من طريق صحيحة، ولكن اشتهرت في كتب السيرة دون إسناد أو بمراسيل (سيرة ابن هشام ٣/ ٨٢ ط السقا ومغازي الواقدي ١/ ٢٤٢ والبداية والنهاية ٤/ ٢٣).
(٤) صحيح البخاري (الفتح ٧/ ٣٥٤) وصحيح مسلم ٢/ ١٥٤ وهذا الرجل المبهم آخر غير عمير بن الحمام الذي استشهد ببدر.
(٥) الحاكم: المستدرك ٣/ ١٩٩ من مرسل سعيد بن المسيب وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين لولا إرسال فيه. وقال الذهبي (مرسل صحيح) قلت: لأن مراسيل سعيد ابن المسيب قوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>