للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالتجهز للغزو ولم يعلمهم بوجهته وحرص على السرية لئلا تستعد قريش للقتال (١). وقد استنفر القبائل التي حول المدينة: أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع وسليم، فمنهم من وافاه بالمدينة، ومنهم من لحقه بالطريق، وقد بلغ عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل (٢). "وأوعب مع رسول الله المهاجرون والأنصار فلم يتخلف عنه منهم أحد" (٣) مما يدل على طاقة المسلمين العليا في حشد الجيوش في هذه المرحلة. وكان في الجيش ألف من مزينة وألف من سليم (أو سبعمائة) (٤).

وهذا العدد الكبير يدل على تعاظم قوة المسلمين ما بين صلح الحديبية وفتح مكة.

وقد أرسل حاطب بن أبي بلتعة - وهو صحابي بدري- كتابا إلى قريش يخبرها بأن المسلمين يريدون غزوها، وحملت الكتاب امرأة عجوز، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علياً والزبير والمقداد، فأمسكوا المرأة في روضة خاخ على بعد اثني عشر ميلا من المدينة، وهددوها أن يفتشوها إن لم تخرج الكتاب، فسلمته لهم "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله، لا تعجل علي، إني كنت امراً ملصقاً في قريش، يقول: كنت حليفاً، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين، من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً، يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتداداً عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنه قد صدقكم. فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا


(١) ابن كثير: البداية والنهاية ٤/ ٢٨٣ من رواية ابن إسحق بإسناد صحيح.
(٢) ابن سعد: الطبقات ٢/ ٣٩٧ بدون إسناد.
(٣) ابن إسحق بإسناد حسن لذاته (سيرة ابن هشام ٢/ ٣٩٩).
(٤) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>