للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التشابه والالتباس إذاً؟. إن التمايز بين الخالق الواحد والمخلوقات المتنوعة واضح، لا يقبل اللبس والخلط إلا عندما تختل المقاييس وتعوج الموازين وتنحرف الفطرة. فكل ما في السماوات والأرض مخلوق لله وحده. قال تعالى: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} (١). إن وحدة واتساق نظام الكون والحياة في العالم المشهود دليل على صدوره عن أمر واحد وإرادة واحدة لا تنازع، ولولا ذلك لتفكك نظام الكون واختلت وحدته واضطرب تناسقه و {لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (٢).

قال تعالى: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} (٣).

يقول كريسي موريسون: "إن وجود الخالق تدل عليه تنظيمات لا نهاية لها، تكون الحياة بدونها مستحيلة، وإن وجود الإنسان على ظهر الأرض والمظاهر الفاخرة لذكائه، إنما هي جزء من برنامج ينفذه بارئ الكون" (٤).

ويقول: "إن الإنسان ليكسب مزيداً لا حدَّ له من التقدم الحسابي في كل وحدة للعلم، غير أن تحطيم - ذره - دالتون التي كانت تعد أصغر قالب في بناء الكون إلى مجموعة نجوم مكونة من جرم مذنب وإلكترون طائرة قد فتح مجالاً لتبديل فكرتنا عن الكون والحقيقة تبديلاً جوهريا، ولم يعد التناسق الميت للذرات الجامدة يربط تصورنا بما هو مادي. وإن المعارف الجديدة التي كشف عنها العلم لتدع مجالاً لوجود مدبِّر جبار وراء مظاهر الطبيعة (٥) ". ويقول ستانلي كونجدن: "إن جميع الكون يشهد على وجود الله سبحانه ويدل على قدرته وعظمته، وعندما نقوم نحن العلماء بتحليل ظواهر هذا الكون ودراستها حتى باستخدام الطريقة الاستدلالية، فإننا لا نفعل أكثر من ملاحظة آثار يدي الله وعظمته ذلك هو الله


(١) فاطر: ٤٠.
(٢) المؤمنون: ٩١.
(٣) الملك:٣.
(٤) العلم يدعو للإيمان ٤٦.
(٥) المصدر السابق ٤٦ - ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>