للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الصلاة والسلام أمام المشركين ولم يكن قد رآه, وما رأى من آيات ربه الكبرى فى المعراج كل ذلك كان معجزة دون أن يطالبه بها أحد ,بل كانت فتنة وامتحانا ميزت بين المؤمنين والكافرين.

وقد وقعت معجزات حسية أخرى للرسول -صلى الله عليه وسلم- أمام بعض المشركين فى أوقات متابينة من المرحلة المدنية, لكنها لم تؤد إلى إيمان أحد منهم بصورة مباشرة استجابة لقهر المعجزة, بل تأخر إيمانهم بعدها حين شاء الله لهم الهداية, فقد حدث فى أحد أسفار الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع الصحابة أن نفد الماء ,فأرسل اثنين من الصحابة يرتادان المياه, فلم يجدا ماء بل وجدا امرأة تحمل مزداتين من ماء على بعير لها, فقدما بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ففرغ من مائها فى إناء ثم سقى الناس منه, ثم أعاد إليها المزداتين كاملتين مع هدايا من الطعام ,وقال لها: تعلمين ما رزئنا من مائك شيئا ولكن الله هو الذى اسقانا, فلما رجعت المرأة إلى أهلها قالت عنه فعل كذا وكذا, فوالله إنه لأسحر الناس, أو إنه لرسول الله حقا ولم تسلم وقومها إلا بعد حين (١). فرغم ما لاحظته المرأة من المعجزة الحسية الظاهرة, فإنها لم تسلم نتيجة ذلك لأن العقل الكافر قد يخلط ما بين معجزة النبي والسحر عند شيوع الجهل وضعف الوعى وانعدام التمييز بين الحق والباطل.

ومثل هذا تكرر مع رجل من بنى عامر-فيما يرويه الإمام أحمد بسند صحيح قال: (أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل من بنى عامر فقال: يا رسول الله أرنى الخاتم الذي بين كتفيك فإنى من أطب الناس. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أريك آية؟ قال: بلى. قال فنظر إلى نخلة فقال: ادعى ذلك العَذْقَ. قال: فدعاه فجاء ينقر حتى قام بين يديه. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:ارجع فرجع مكانه. فقال العامرى: يا آل عامر ما رأيت كاليوم رجلا أسحر) (٢).


(١) أخرجه البخاري فى صحيحه١/ ٤٤٧.
(٢) المسند: ١/ ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>