للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أمر المرأة صاحبة المزادة والرجل العامرى يختلف عن موقف قريش, لأن المرأة والعامرى لم يكونا يعرفان الرسول-صلى الله عليه وسلم-,كما كانت قريش تعرف من صدقه وحسن سيرته وجوانب دعوته, وأنه رفض عروضها الدنيوية ,وهى مطلب الساحر ومراده من السحر.

والحق أن اطلاع المشركين على المعجزات الحسية للرسول -صلى الله عليه وسلم- كان قليلا إلى جانب المعجزات الحسية الكثيرة التى شهدها المؤمنون فازدادوا إيمانا واستبشاراً ..

قال عبد الله بن مسعود -رضى الله عنه-: (كنا نعد الآيات بركة ,وأنتم تعدونها تخويفا, كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى سفر فقلَّ الماء فقالوا: اطلبوا فضلة من ماء, فجاءوا بآناء فيه ماء قليل ,فأدخل يده فى الإناء ثم قال: حىَّ على الطهور المبارك, والبركة من الله فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ,ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل) (١).

وقد استفاضت الأخبار الصحيحة فى تكثير الماء والطعام بين يديه فى السفر والحضر, فقد توضأ سبعون صحابياً فى قدح فيه ماء يسير مدّ النبي فيه أصابعه الأربع, ومرة أخرى توضأ زهاء ثلثمائة من إناء وضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يده فيه ,فجعل الماء ينبع من بين أصابعه (٢).

وقد تكرر منه ذلك فى الحديبية مرارا ,فقد نزل المسلمون على ثمد قليل الماء فنزحوه, واشتكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-العطش "فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ,فوالله ما زال يجيش لهم بالرى حتى صدروا عنه" (٣). ومرة أخرى فى الحديبية عطش الناس وبين يدى النبي ركوة فتوضأ منها ,واشتكى الناس إليه أن ليس عندهم ماء للشرب وللوضوء غير ما فى الرَّكوة ,فوضع يده فى الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون ,فشرب ألف وخمسمائة من الصحابة وتوضأوا. وهذا الخبر يرويه جابر بن عبد الله فى صحيح البخارى ,وقد شهده العيان من الصحابة وهم جمع غفير ,وما أنكره أحد (٤).


(١) أخرجه البخارى فى صحيحه ٦/ ٥٨٧.
(٢) أخرجه البخارى فى صحيحه ٦/ ٥٨٠ - ٥٨١.
(٣) أخرجه البخارى فى صحيحه ٥/ ٣٢٩.
(٤) صحيح البخارى ٦/ ٥٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>