للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[محبة الرسول من الإيمان]

قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (١).

دلت هذه الآية على وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ووضعت ميزانا لهذه المحبة تقاس به, فليس المطلوب أن يحب المؤمن رسول الله كحبه لأبيه وبنيه وأهله وماله، بل ينبغي أن ترجح كفة محبة الله ورسوله على سائر ما يحب، فلا يكون في قلبه محبة لشيء تزيد على محبته للرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الرسول سبب خروجه من ظلمات الجهالة والضلال وسعادته بالعلم والهداية، وإنقاذه من ضنك الدنيا وعذاب الآخرة، فنعمة الإيمان الحاصلة بسببه أعظم من سائر النعم وأكبر من كل الفوائد، فحق على من أدرك عظمة هذه النعمة أن يحب من أوصلها إليه، وقد أدرك الصحابة رضوان الله عليهم هذه المعاني فتعلقوا برسول الله أشد التعلق، وأحبوه أعظم الحب، وفدوه بالنفس والأهل والمال، قال صفوان بن عسَّال المُرادي: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري: يا محمد. فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من صوته: هاؤم. وقلنا له: ويحك اغضض من صوتك فإنك عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد نهيت عن هذا. فقال: والله لا أغضض، قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب يوم القيامة" (٢).

ففي هذا الحديث بيان فضل حب الله ورسوله والأخيار الصالحين من المؤمنين.


(١) التوبة:٢٤.
(٢) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح (سنن ٥/ ٥٤٥ حديث رقم ٣٥٣٥) وأخرجه البخاري في صحيحه ٧/ ١١٢ - ١١٣ شاهدا مختصرا من حديث ابن مسعود، ومسلم في صحيحه ٤/ ٢٣٠٤ حديث رقم ٢٦٤٠ شاهدا مختصرا أيضا من حديث ابن مسعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>