للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحملك في سَرَقة من حرير فقلت له: اكتشف، فكشف فإذا هي أنت. فقلت: إن يكن هذا من عند الله يُمضِه". وقد تكررت الرؤيا كما أخبر عليه الصلاة والسلام (١). أما سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - فكانت ثيباً كبيرة السن، تزوجها على أثر وفاة خديجة رضي الله عنها، لترفق بأولاده الصغار من خديجة، وتطييبا لخاطرها فقد كانت زوجة للسكران بن عمر، وكان مسلما فهاجر بها إلى الحبشة، ثم رجعا فمات زوجها بمكة، وكان أبوها شيخاً كبيراً أقعدته السن، وكان أخوها عبد بن زمعة مشركاً عنيداً، حتى حثا التراب على رأسه عندما علم بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢). أفليست هذه الظروف المحيطة بهذا الزواج تكشف عن طبيعة دوافعه وحقيقة مقاصده. من حماية الأيَّم وحضانة الأولاد؟.

ولما كبرت سودة خشيت أن يطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم، فآثرت عائشة رضي الله عنها بيومها وليلتها، لتبقى في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم (٣)، فنزل قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (٤) قالت عائشة في سبب نزول الآية: لا يستكثر منها، فتكون لها صحبة وولد، فتكره أن يفارقها فتقول له: أنت في حلّ من شأني" (٥).

وهكذا بقيت سودة في عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وفاته لتبعث في أزواجه يوم القيامة.

وأما حفصة بنت عمر رضي الله عنهما - فقد توفى زوجها الصحابي خنيس بن حذافة السهمي بالمدينة، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم إكراماً لأبيها.

وأما زينب بنت خزيمة فكانت متزوجة من عبيدة بن الحارث، فاستشهد بعد بدر، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم جبراً لخاطرها.


(١) متفق عليه (صحيح البخاري ٨/ ٧٥ - ٧٦ وصحيح مسلم ٤/ ١٨٩٠ حديث رقم ٢٤٣٨).
(٢) مسند أحمد ٦/ ٢١١ بإسناد حسن كما في فتح الباري ٧/ ٢٢٥.
(٣) صحيح مسلم ٢/ ١٠٨٥ حديث رقم ١٤٦٣ ورقم ١٤٦٤. وانظر الأحاديث في سنن أبي داؤد ٢/ ٦٠١ - ٦٠٢ وسنن الترمذي ٥/ ٢٤٩ وقال: حسن غريب.
(٤) النساء:١٢٨.
(٥) صحيح البخاري (فتح الباري ٨/ ٢٦٥ وصحيح مسلم ٤/ ٢٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>