للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذَلِكَ أنَّ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ قالَ: اجْتَمَعَ أَبو لُؤْلُؤةَ، وجُفَيْنَةُ -وَهُو رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الحِيرةِ- والهُرْمُزَانُ مَعَهُم خِنْجَرٌ لَهُ طَرَفَانِ ممْلَكُهُ في وَسَطهِ (١)، فَجَلَسُوا مجْلِسًا فأَثَارهُم دَابَّةٌ، ووَقَعَ الخِنْجَرُ فأَبْصَرَهُم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إنِّي قدْ رأَيْتُ أَبا لُؤْلُؤةَ والهُرْمُزَانَ وجُفَيْنَةَ جَلَسُوا مجْلِسًا مَعَهُم سِكِّينٌ لهُ طَرَفانِ ممْلَكُهُ في وَسَطهِ فإنْ كانتْ كَذَلِكَ فَهُم أَصحَابُهُ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهَا كَمَا ذَكَرَ، فَوَثَبَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ فَقَتَلَ الهُرْمُزَانَ، وجُفَيْنَةَ، ولُؤْلُؤةَ بنتَ أَبِي لُؤْلُؤةَ، فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ عُثْمَانُ قالَ عَلِيٌّ لِعُثْمَانَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: أَقِدْ عُبَيْدَ اللهِ مِنَ الهُرْمُزَانِ، فقالَ: لا أَقْتُلُ ابنَ عُمَرَ بِدِهْقَانَ، ولَكِنْ أَدِيهِ، وجَرَى بَيْنَهُمَا كَلَامٌ، ثُمَّ قالَ عُثْمَانُ رَضيَ الله عنهُ: [ما له] (٢) وَلِيٌّ غَيِرْي، فإنيِّ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، فَخَلَّا سَبِيلَهُ.

وقالَ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ: ماتَتْ امْرأَةٌ بِظَهْرِ البَيْدَاءِ، فَمَرَّ عَلَيْهَا نَاسٌ فَلَمْ يَدْفِنُوهَا، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ فأَرْسَلَ إليَّ فَدَعَانيِ فقالَ: لَعَلَّكَ مِمَّن مَرَّ عَلَى هَذِه المَرْأَةِ فَلَمْ تَدْفِنْهَا، قالَ: قُلْتُ لَا، قالَ: أَمَا واللهِ لَوْ مَرَرْتَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَدْفِنْهَا لَفَعَلْتُ بكَ فِعْلَةً يَتَحَدَّثُ بِهَا، فَوَالله لَعَلَّ الله يُدْخِلُ دَافِنَهَا الذي دَفَنَها الجَنَّةَ، وكانَ الذي دَفَنَها كُلَيْبٌ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ، فَقُتِلَ مَعَ عُمَرَ لَيْلَةَ طُعِنَ، طَعَنَهُ أَبو لُؤْلُؤةَ الذِي طَعَنَ عُمَرَ وَهُو يَتَوضَّأ.


(١) كذا في الأصل، وفي كتاب نسب قريش لمصعب ص٣٥٥، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر ٣٨/ ٦٣: (مقبضه في وسطه).
(٢) جاء في الأصل: (ما للهم مولف) كذا، وهو خطأ، والتصويب من تاريخ الإسلام للذهبي.