للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقامَ فَسَجَد لَهُ وقَبَّل قَدَمَيْه، وقالَ: أَشْهَدُ أنَّكَ عَبْدُ اللهِ ورَسُولُه، وأنَّكَ قد حدَّثْتَنِي حَدِيثًا لا يَعْلَمُهُ إلَّا نَبِيٌّ، فأَبْصَرا غُلَامَهُمَا وَهُو يَسْجُدُ لهُ فقالَ أَحَدُهُما للآخرِ: أَمَّا غُلَامُكَ هذا فقدْ فَسَد، فَدَعَواهُ فأَتَاهُمَا فقالَا له: ويَلْكَ ما صَنَعْتَ يا عَدَّاسُ، لِمَ سَجَدْتَ لِهَذا الصَّابِئ؟ قالَ: لا تَقُولُوا لهُ مثلَ هَذا، فإنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فقالَا له: وَيْلَكَ يا عَدَّاسُ لَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ نَصْرَانِيَتِكَ، فإنمَّا يَتَّبِعُهُ السُّفَهَاءُ، قالَ عَدَّاسٌ: وَهُو يَشْهَدُ إنَّهُ عَبْدُ اللهِ ورَسُولُهُ، وإنَّه قد حدَّثني مِنْ حَدِيثِ نَبِيّ اللهِ يُونُسَ بنِ مَتَّى، بَعَثَهُ اللهِ إلينا بِمَا عَرَفْتُ مِمَّا أَنْزَلَ اللهِ في الكِتَابِ، ولَوْلا عُبُودَيّتِي للحَقْتُ بهِ، فأَخَذَاهُ فأَوْثَقَاهُ وضَرَباهُ ضَرْبًا شَدِيدًا، وقالَا: لَئِنْ عُدْتَ لِهَذا الكَلَامَ أَبَدًا لَنَقْتُلَنَّكَ، وصَاحَا بِنَبِيِّ اللهِ فأَخْرَجَاهُ وقالَا لَهُ: لَوْلا [تَخَدُّمَكَ] (١) بِطَعَامِنَا لَدَعَوْنَا لَكَ الذينَ فَرَرتَ مِنْهُم، فقد رأَيْنا الذي صنَعُوا بكَ، فَخَرجَ مِنْ عِنْدِهِم فَقَدِمَ مكَّةَ (٢).

أَخْبَرنا مُحمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نُوحٍ، أَخْبَرنا مُحمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إبْرَاهِيمَ، حدَّثنا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو، حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ حُمَيْدٍ، حدَّثنا يَحْيى بنُ سُلَيْمٍ، عَنِ ابنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ، عَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهِ عنهُ: إنَّ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا في الحِجْرِ ثُمَّ تَعَاقَدُوا بالَّلَاتِ والعُزَّى ومَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى ونَائِلَةَ ويَسَافٍ أنْ لَوُ قَدْ رأَوا مُحمَّدًا لَقَدْ قُمْنَا إليهِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَتَلْنَاهُ قبلَ أنْ نُفَارِقَهُ، فأَقْبَلَت ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ فَبَكَتْ حتَّى دَخَلَتْ على رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الملأُ مِنْ قَوْمِكَ قدْ تَعَاهَدُوا لَو قَدْ رأَوْكَ فَقَامُوا إليكَ فَقَتَلُوكَ، فَلَيْسَ مِنْهُم رَجُلٌ وَاحِدٌ إلَّا قَدْ


(١) كذا في الأصل، ولم أجد لها معنى.
(٢) أشار الخطابي في غريب الحديث ١/ ٤٥٩ إلى هذا الحديث فقال: يرويه محمَّد بن عبد الأعلى الصنعاني عن معتمر بن سليمان عن أبيه.