للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّهُ سَمِعَ أَبا خُنَيْسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غَزْوَةِ تِهَامَةَ، حَتَّى إذا كُنَّا بِعُسْفَانَ جَاءَهُ أَصحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، أَجْهَدَنا الجُوُعُ فَائْذَنْ لَنَا في الظَّهْرِ أنْ نَأْكُلَهُ، فقالَ: نَعَمْ، فأُخْبِر بِذَلِكَ عُمَرُ رَضِىَ الله عَنْهُ، فَجَاءَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: يا نَبِيَّ الله، مَا صَنَعْتَ، أَمَرْتَ النَّاسَ أَنْ يَأْكُلُوا الظَّهْرَ، فَعَلَى مَاذَا يَرْكَبُونَ؟ قالَ: فَمَاذا تَرَى يا ابنَ الخَطَّابِ؟ قالَ: أَرَى أَنْ تَأمُرَهُم -وأَنْتَ أَفْضَلُ رَأْيًا- فَيَجْمَعُونَ فَضْلَ أَزْوَادِهِم في ثَوْبٍ ثمَّ تَدْعُو، قالَ: فَدَعَا الله عَزَّ وَجَلَّ لَهُم ثُمَّ قالَ: إيْتُونيِ بأَوْعِيَتِكُم، فأَتَى كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُم بِوِعَائهِ، ثُمَّ أَذِنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- بالرَّحِيلِ، فَلَمَّا ارْتحَلُوا مُطِرُوا مَا شَاءَ الله، ونَزَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ونَزَلُوا مَعَهُ، وشَرِبُوا مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ بالكُرَاعِ (١)، ثُمَّ خَطَبَهُم، فَجَاءَ نَفرٌ ثَلَاثةٌ فَجَلَس اثْنَانِ مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذَهَبَ الآخَرُ مُعْرِضًا، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمَّا وَاحِدٌ فاسْتَحْيا مِنَ الله عَزَّ وجَلَّ فَاسْتَحْيى الله تبارَكَ وتَعَالىَ مِنْهُ، وأَمَّا الآخَرُ فأَقْبَلَ تَائِبًا إلى الله عَزَّ وجَلَّ فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وأَمَّا الآخَرُ فأَعْرَضَ فأَعْرَضَ الله عَزَّ وجَلَّ عَنْهُ (٢).

...


(١) الكُرَاع -بضم الكاف- والمراد به كراع الغميم، وهو موضع بين مكة والمدينة، بالقرب من عسفان، على مسافة (٦٤) كيلا من مكة، ينظر: معجم البلدان ٤/ ٤٤٣، والمعالم الأثيرة ص ٢٣١.
(٢) رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ٥/ ٢٣٨، والطبراني في المعجم الأوسط ٤/ ٢٨ بإسنادهما إلى أسيد بن عاصم به، وعزاه الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ٥٣٤ إلى البزار والطبراني، وقال: ورجاله ثقات.