للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السلطان من الجزائر إعلان الحرب على فرنسا. وفي ١٧٩٦ أقرضت الجزائر حكومة الثورة في فرنسا مليونا من الفرنكات بدون فائدة، على أن تستعمل فرنسا هذا المبلغ في شراء الحبوب من الجزائر. وفي سنة ١٧٩٤ أذنت الجزائر للحكومة الفرنسية أن تتمول في موانىء الجزائر عندما كانت الأسواق الأوربية مغلقة في وجه التجارة الفرنسية. وفي أول الأمر كان شراء المواد الغذائية من الموانىء الجزائرية يتم بطريقة مباشرة، فتدفع الشركة الفرنسية المعنية (الشركة الملكية ثم خليفتها الوكالة الوطنية الفرنسية) الثمن إلى الحكومة الجزائرية. ثم غيرت فرنسا طريقة الدفع، أثناء حكومة المؤتمر، فلجأت إلى التاجرين اليهوديين الجزائريين: بكرى وبوشناق ليقوما بالدفع بدلها، إلى الحكومة الجزائرية.

وقصة تدخل هذين اليهوديين في العلاقات بين الجزائر وفرنسا تشكل جزءا أساسيا في تطور العلاقات بين البلدين التي بدأت بالحصار ثم الحملة وانتهت باحتلال الجزائر (١). ولذلك فليس هناك بد من ذكر بعض خيوط هذه القصة لفهم أسباب الحملة ونتائجها. إن الاسم الكامل لبكري هو: ميشيل كوهين بكرى المعروف باسمه المستعرب ابن زاهوت. وكان صاحب تجارة في أوربا قبل أن يفتح سنة ١٧٧٠ مركزا له في مدينة الجزائر. وكان هذا المركز متواضعا في البداية، ولكنه ازدهر حين انضم إلى صاحبه أخوته الثلاثة، وابنه داود، وصهره نافتالى بوشناق. المعروف باسمه المستعرب بوجناح. ويوجنان، كابن زاهوت، كان أيضا من أسرة لها تجارة في الخازج، وجاءت إلى مدينة الجزائر حوالي ١٧٢٣، وبدأت أيضا بداية متواضعة. أما ثروة بوجناح الطائلة التي أصبح يتمتع بها بعدئذ فهو مدين فيها إلى التعفن والفساد الذي كان شائعا أيام الحكم العثماني في


(١) أنظر أيضا دراستي عن (الجزائر والحملة الفرنسية) في مجلة (الجيش)، عددي أكتوبر ونوفمبر، ١٩٧٠، وهي دراسة مترجمة عن الإنكليزية.

<<  <   >  >>