للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مستغلا بطريقة حكيمة (١). ويرجع ذلك إلى الحروب التي كان مسرحا لها. ففي بداية القرن الثامن عشر، بعد هزيمة الأسبان، حلت قبائل الدوائر والزمالة التي كانت متحالفة مع الحكم العثماني (باي معسكر) محل القبائل التي كانت تتعامل مع الأسبان، مثل بني عامر وفليته، في سهل وهران. وعندما انهزم الأسبان نهائيا وعادت وهران إلى الحكم العثماني عام ١٧٩١ أصبحت قبائل الدوائر والزمالة (المخزن) متسلطة على بقية القبائل في منطقة وهران واشتغلت بذلك عن حراثة الأرض والعناية بها. ورغم جودة الأرض في سهل وهران فإن هذا السهل كان مغطى بالأعشاب الطفيلية والأشجار غير المثمرة. وكانت الدولة تملك منه حوالي ٧٨%.

وهكذا عاشت قبائل الدوائر والزمالة على سهل وهران. وقد كانوا شبه (نوماد) أو بدو متنقلين. فلم ينتجوا إلا قليلا من القمح والشعير وبعض الغنم والبقر. وكان معاشهم يتكون من الكسرة والحليب والجبن والزبدة، ولكن الأرض لم تكن تكفيهم ما داموا لم يعتنوا بها لذلك كانوا يعتمدون في معاشهم على الغنائم التي ينالونها بعد الحروب مع القبائل المجاورة أو التي يتلقونها من السلطة العثمانية مقابل تحالفهم معها.

ولم يكن سهل وهران هو الوحيد، بل كانت هناك سهول اغريس ومستغانم وتلمسان ومعسكر. فكان سهل تلمسان ينتج القمح والزيت بوفرة. وكانت المناطق الساحلية من الحدود المغربية إلى رأس فلكون تنتح الشمع. وكان سهل اغريس المصدر الرئيسي للحبوب في كامل الغرب الجزائري. أما سهل مستغانم فقد كان ينتح القطن والأرز. وكانت الحدائق الجميلة تحوط بالمنازل الساحلية التي كان يملكها الأغنياء من العرب أو التي كان يحتكرها


(١) تذكر بعض المصادر الجزائرية أن سهل وهران كان يمتاز بالخصوبة وأنه بالمقارنة إلى سهل متيجة كان أصح وأنفى. انظر جواب أحمد بوضربة أمام اللجنة الأفريقية. اللجنة الأفريقية (محاضر) ج ١ ص ٣٩ - ٤٢.

<<  <   >  >>