للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى معرفة وفهم أسرار الدين والقرآن والسنة. ولذلك كان القرآن أساسا للتعليم في الجزائر سواء كان تعليما ابتدائيا أو ثانويا أو عاليا. وكانت المدارس على مختلف مستوياتها تمول وتغذى بالأوقاف التي يحبسها أهل الصلاح والخير من الرجال والنساء، وفي بعض الأحيان كان يحبسها موظفون سامون في الدولة كعمل من أعمال الخير. فكان هناك أملاك خاصة وعقارات وأراض يذهب ريعها لبناء المدارس وتوظيف المعلمين وتوفير المساكن للطلبة. فالأوقاف كانت الأساس في تدعيم التعليم وحماية الطلبة والمعلمين.

والواقع أنه ليست كل الأوقاف مخصصة للتعليم فقد كانت هناك أوقاف لعدة مصالح أخرى مثل العناية بالحج، وتسمى أملاك مكة والمدينة. وهناك أوقاف لإقامة العيون وحماية الثكنات، وهناك أوقاف أخرى لبناء واستصلاح المساجد والزوايا كأوقاف (سبل الخيرات) وهي عبارة عن جمعية كانت تشرف على ثمانية مساجد في العاصمة. وقد بلغ دخلها سنة ١٨٣٧ حوالي ١٣،٦٣٩ فرنكا. وكانت هناك أوقاف خاصة بالجامع الكبير بالعاصمة أيضا. وقد بلغ دخلها ١٢،٠٠٠ فرنك. بالإضافة إلى أوقاف أخرى كانت منتشرة في مختلف مدن الجزائر.

وإلى جانب أوقاف التعليم والحج كانت هناك أوقاف مخصصة للصدقة وأعمال البر. ففي سنة ١٨٣٧ بلغ دخل أوقاف مكة والمدينة في العاصمة ١٢٢،٥٠٣ فرنك. وكانت هذه الأوقاف مخصصة لإيواء فقراء مكة والمدينة مجانا، وكان الفائض منها يذهب إلى فقراء الأماكن المقدسة سواء كانوا في المشرق أو في الجزائر (١). وقد استولت السلطات الفرنسية


(١) استولت فرنسا على هذه الأوقاف عند احتلال الجزائر. وقد أدى ذلك إلى خلافات وخصومات شديدة مع الأهالي وظهرت في كتابات السياسيين أمثال حمدان خوجة. انظر (المرآة)، ولا سيما الفصل الذي عنوانه: (الأملاك الدينية المسمات بالوقف) ص ٢٧٦. وقد عثرنا على وثيقة بمكتبة باش تارزي بقسنطينة تشهد على ما كان أهل هذه المدينة يرسلونه من نقود إلى الحرمين ليوزع على الفقراء هناك، وفي الوثيقة قائمة بأسمائهم (ومعظمهم من فئة العلماء) وهي تعود إلى أوائل القرن ١٩.

<<  <   >  >>